عنوان الفتوى : الجمع للبرد والمطر الواقع والمتوقع
من خلال متابعتي لكم وللكثير غيركم، استقرّ عندي أن الجمع للبرد لا يجوز، وأن الجمع للمطر يكون للمطر الكثير الذي يبلّ الثياب، ويشترط وجود المطر على الأقل أثناء افتتاح الثانية، ولكني قرأت في أكثر من موقع أن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين الصلاتين لأجل البرد، فهل هذا صحيح؟ وما وجه مذهبه؟ وهذا هو النص الذي قرأته: "ذكر الخطابي في معالم السنن، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، والنّووي في المجموع: أنّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كان يُفتي بالجمع بين الصلاتين للمطر، والبرد، والوحل، والطين، ولأدنى مشقّة." انتهى.
وإن كان فعلًا هذا مذهبه، فكيف نقول بإجماع أهل السنة على عدم الجمع للبرد؟ ولماذا هو مرجوح؟!
ومسألة أخرى تتعلق بالموضوع: "قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في الأم: ويجمع من قليل المطر، وكثيره. انتهى. فهل قليل المطر هو المطر الخفيف والرذاذ، أم هو الذي يبلل الثياب؟
وبعضهم يقول: إنه ورد في أحاديث الجمع، أو الروايات عن السلف الجمع في يوم مطير، وأدَّعي أن كلمة: "يوم مطير"، لا تعني بالضرورة نزول المطر وقت الصلاة، ووقت استباحة الرخصة؛ لأن كلمة: "يوم مطير" تعني أن اليوم يحدث فيه مطر على فترات متقطعة، أو بشكل متواصل؛ وبهذا يجوز الجمع فيه بين الصلاتين؛ حتى لو لم يكن المطر نازلًا وقت استباحة الرخصة. بارك الله فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما الجمع للبرد فليس مجمعًا على منعه، بل أجازه الحنابلة في الريح الشديدة الباردة، أي: بهذين الشرطين، وانظر الفتوى: 144835.
وأما أثر عمر بن عبد العزيز، فلم نقف على صحته.
وعلى تقدير ثبوته؛ فيمكن أن يحمل على تلك الحال التي قال بها الحنابلة، أو على قول من أجاز الجمع من السلف ما لم يتخذه عادة، غير أننا لا نفتي به، وهو خلاف معتمد المذاهب المتبوعة.
وأما المطر الذي يبيح الجمع؛ فهو ما كان يبل الثياب، والجمع في قليل المطر وكثيره المنصوص عن الشافعي قد بين النووي في شرح المهذب أن شرطه أن يبلّ الثياب.
وأما المطر المتوقّع لا الواقع؛ فأجاز الجمع له المالكية، وانظر الفتوى: 59687.
والله أعلم.