عنوان الفتوى : الجمع بين الصلاتين للمرض ومشقة إزالة النجاسة
والدتي مصابة بجلطة في المخ -أسأل الله أن يشفيها، ويشفي جميع مرضى المسلمين-، ولا تستطيع الحركة، وترتدي حفاضة، نذهب إليها أنا وأختي نساعدها في تغييرها مرة أو مرتين في اليوم، على حسب مقدرتنا، لذلك تضطر أن تجمع الصلوات لتكون على طهارة، ولكني سمعت أنه لا يجوز أن تجمع الصلوات، حتى لو كانت غير طاهرة، فيجوز أن تصلي وهي على حالها، طالما لا تستطيع أن تزيل النجاسة بنفسها، فتصلي كل فرض في وقته. فهل هذا صحيح؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لأمكم الشفاء والعافية، ثم اعلمي أن المرض من الأسباب المبيحة للجمع بين الصلاتين، وكذا أباح الفقهاء الجمع للمرضع لمشقة إزالة نجاسة الرضيع في حقها وفي معناها، بل أولى الحال التي فيها أمكم، وأيضًا فإن العجز عن التطهر لكل صلاة هو من الأسباب المبيحة للجمع عند فقهاء الحنابلة.
قال البهوتي في شرح الإقناع مبينًا كون ما ذكرناه من الأسباب المبيحة للجمع: (وَ) الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ (الْمَرِيضُ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ) أَيْ الْجَمْعِ (مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ) لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ. رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا عُذْرَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْمَرَضُ.
وَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُ الْجَمْعِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَهِيَ نَوْعُ مَرَضٍ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ الْمَرَضَ أَشَدُّ مِنْ السَّفَرِ، وَاحْتَجَمَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ثُمَّ تَعَشَّى، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا..
والحال الثالثة (لِمُرْضِعٍ لِمَشَقَّةِ كَثْرَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ مَشَقَّةِ تَطْهِيرِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هِيَ كَمَرِيضٍ.
(وَ) الْحَالُ الرَّابِعَةُ (لِعَاجِزٍ عَنْ الطَّهَارَةِ) بِالْمَاءِ (أَوْ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ)، لِأَنَّ الْجَمْعَ أُبِيحَ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ لِلْمَشَقَّةِ، وَالْعَاجِزُ عَن الطَّهَارَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِي مَعْنَاهُمَا. انتهى.
وبه يتبين أن والدتك -حفظها الله- ممن يباح لها الجمع من أكثر من وجه عند فقهاء الحنابلة، فلا حرج عليها -والحال ما ذكر- أن تجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير، وأن تجمع بين المغرب والعشاء كذلك جمع تقديم أو تأخير.
والله أعلم.