عنوان الفتوى : إرشادات لليائس من القدرة على النكاح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب في العشرينيات، وأيقنت الآن أن وضعي لا يسمح، ولن يسمح بالزواج، وسأضطر أن أعيش وأتأقلم على هذا الوضع.
أحلم في منامي بوجود أنثى في حياتي بانتظام، وأفكر في الموضوع عادة، وهو شيء مؤلم لنفسيتي؛ لأن الله لم يعطني المقومات المادية، ولا النفسية لتحمل مسؤوليات الزواج كرجل، كما ذكر في القرآن من القوامة وخلافه. وأنا متعفف تماما عن النساء، فلا أتكلم معهن، أو أحاول التقرب منهن.
هل الله -جل وعلا- سيعوضني من حرماني من هذه النعمة في الآخرة بشيء مميز عن الرجل الذي أنعم الله عليه بالزواج؟
أم سيقع اللوم عليَّ لأنني لم أَسْعَ بما فيه كفاية لأصبح مستحقًّا لهذه النعمة، كمن لا يذاكر جيدا؛ ليحصل على النجاح؟
وآسف للإطالة، وشكرا جزيلا مقدما.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على العفاف، واجتناب ما يحرم، ويكون سببا للفتنة بالنساء. ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى، وتقى، وصلاحا.

ونوصيك أن تؤمِّل في ربك ما يسرك، وأن تتجه إليه بحاجتك، وتسأله العون في أمورك كلها، ومنها: الزواج، فإنه سبحانه إذا أراد لعبده أمرا يسره له، وهيأ له أسبابه. وهو قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، كما في قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وتجد في الفتوى: 119608. آداب الدعاء، وأسباب إجابته.

وكونك في عسر مادي ونفسي، لا يمكنك من الزواج، لا يعني أن تكون في يأس من تحصيله، ودعاء الله بتيسيره لك، فدعوة صالحة منك، قد يفتح الله لك بها من أبواب الخير ما لا يخطر لك على بال، فظن بربك خيرا.

ثم إن الزواج نفسه من أسباب الرزق، كما قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}.

وروى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.

وإذا كنت بحاجة لشيء من الاستشارة في الجانب النفسي، أو الاجتماعي، أو الطبي؛ فيمكنك الاستعانة بالاستشاريين النفسيين في موقعنا، والكتابة إليهم عبر هذا الرابط:

https://islamweb.net/ar/consult/

فعليك بالاجتهاد، وبذل الأسباب؛ لئلا تفوت على نفسك الزواج، وما فيه من مصالح الدنيا والآخرة، وقد ذكر جملة منها النفراوي -المالكي- في الفواكه الدواني، حيث قال:

له فوائد. أعظمها: دفع غوائل الشهوة، ويليها أنه سبب لحياتين: فانية، وهي: تكثير النسل، وباقية، هي: الحرص على الدار الآخرة؛ لأنه ينبه على لذة الآخرة، لأنه إذا ذاق لذته، يسرع إلى فعل الخير الموصل إلى اللذة الأخروية، التي هي أعظم، ولا سيما النظر إلى وجهه الكريم. ويليها تنفيذ ما أراده الله -تعالى- وأحبه، من بقاء النوع الإنساني إلى يوم القيامة، وامتثال أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "تناكحوا تناسلوا" الحديث، ويليها بقاء الذكر، ورفع الدرجات بسبب دعاء الولد الصالح بعد انقطاع عمل أبيه بموته. اهـ.

ولا نعلم دليلا على أن من حُرِم من الزواج سيعوض في الجنة أكثر ممن قدَّر الله -عز وجل- له الزواج.

والجنة فضل الله يؤتيه من يشاء، فينبغي للمسلم أن يحرص على ما يدخله الجنة، ويباعده من النار؛ ليكون من الفائزين، كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {آل عمران:185}.

والزواج مندوب إليه في الأصل، ويجب على من يخشى بتركه الوقوع في الفاحشة. ولا لوم على من يبذل ما يستطيع من الجهد في سبيل تحصيله، فقد قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7}.

ويتوجه اللوم على من رغب عنه بالكلية، كما في حديث أنس -رضي الله عنه- في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فمن رغب عن سنتي، فليس مني.

والله أعلم.