عنوان الفتوى : حكم من علق طلاق زوجته على شرط وأرجعها قبل حصول الشرط
سبق أن اشترطت على زوجتي شيئا، لكنها لم تنجزه، فاضطررت إلى أن أطلقها طلاقا معلقا بشرط، وحددت لها موعدا لوقوع الطلاق. فقلت لها: إذا لم تنجزي الشرط قبل يوم كذا؛ فأنت طالق. وبعد أيام قالت لي إنها لا تستطيع إنجازه، فقلت لها: الطلاق سيقع حينها، لكن أنا رددتك من الآن. مع العلم أنني مسافر، وكل هذا حدث، ولم أكن معها، لكن الآن زوجتي قالت: إنني لم أردها بقول صريح في وقت العدة، ولم ننتبه لذلك، إلا لما تكررت نفس المشكلة، ورجعت عملت لها طلاقا جديدا بشرط. وهنا قالت لي: ربما رجعتنا من الطلاق غير صحيحة، وقد بِنْتُ منك بينونة صغرى، ولم نعد زوجين أصلا.
سؤالي هو: هل رجعتي الأولى تعتبر صحيحة، وهي الآن زوجتي بالفعل، وطلاقنا الثاني المعلق بشرط سيقع؟ أو أننا لم نعد زوجين منذ أشهر، وقد بانت مني بالفعل بينونة صغرى؟
جازاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق المعلق على شرط لا يقع قبل حصول الشرط. قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا أوقع الطلاق في زمن، أو علقه بصفة، تعلق بها، ولم يقع حتى تأتي الصفة والزمن. انتهى.
ولا تصحّ الرجعة إلا بعد وقوع الطلاق. قال الماوردي -رحمه الله- في الحاوي الكبير: ولو قال لها: كلما طلقتك فقد راجعتك، ثم طلقها لم تصح الرجعة لتقدمها على موجبها من الطلاق، حتى تستأنفها بعد الطلاق. انتهى.
وفي منح الجليل شرح مختصر خليل المالكي: (وَلَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ) أَيْ يُسَافِرُ عَنْ بَلَدِ زَوْجَتِهِ، وَقَدْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا، وَخَافَ أَنْ تُحَنِّثَهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ (إنْ دَخَلَتْ) الزَّوْجَةُ (الدَّارَ) الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِهَا مَثَلًا (فَقَدْ رَاجَعْتهَا)، وَدَخَلَتْهَا فِي غَيْبَتِهِ. فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ لِافْتِقَارِ الرَّجْعَةِ لِلنِّيَّةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا {الطلاق: 1}. اهـ
وعليه؛ فإن كنت لم تراجع زوجتك بعد وقوع طلاقها حتى انقضت عدة الطلاق؛ فقد بانت منك، ولا يلحقها طلاقك بعد البينونة، وإذا كان الطلاق دون الثلاث؛ فلك مراجعة زوجتك في العدة، وانظر ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195
واعلم أنّ الطلاق المعلّق على شرط، بقصد التهديد، أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ مختلف في حكمه؛ فالجمهور يرون وقوعه، وهو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يرى وقوعه، ولكن يرى أنّ على الحانث فيه كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592.
والله أعلم.