عنوان الفتوى : الطريقة النبوية للاحتفاء بيوم مولده صلى الله عليه وسلم
ما حكم من يقول بأن الاحتفال بالمولد ليس ببدعة، وقال بأن له أدلة موجودة في القرآن. وهذا كلامه وردوده:
أولا: قوله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا). قال ابن عباس: فضل الله؛ القرآن، ورحمته؛ محمد -صلى الله عليه وسلم-.
والفرح بالنعمة مطلوب، وليست هنالك نعمة أعظم من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا عند الوهابية وحدهم .
وقوله تعالى: (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه).
والدليل من السنة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجد اليهود يعتبرون يوم نجاة موسى يوم عيد، ويصومون، ويحتفلون، فلم ينكر عليهم، بل أقر فعلهم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفرح بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعثته، والإيمان به -صلى الله عليه وسلم- وتعزيره، وتوقيره، ومحبته، وتعظيمه، ونحو ذلك من المعاني: ليست محلا للخلاف، ولا موضعا للمزايدة!
وقصر إظهار ذلك على يوم واحد من السنة فيه مجافاة وتفريط، وفيه أيضا مخالفة للنبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه؛ فقد شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- نوعا من الاحتفاء بيوم مولده في كل أسبوع، لا في كل عام مرة، احتفاء يتناسب مع تلك النعمة.
فكان صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع، معللا ذلك بقوله: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت - أو أنزل علي فيه -. رواه مسلم.
ولم يكن صلى الله عليه وسلم يجمع أصحابه فيه للذكر، أو للمديح، أو لتدارس السيرة النبوية، أو يأمر فيه بالإطعام، أو بأيّ مظهر من مظاهر الفرح المشروع؛ كلبس الجديد لتلك المناسبة، بل يصومه كما يصوم اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فيه فرعون وملأه، شكرا لله -عز وجل- على تلك النعمة.
فهذه هي الطريقة النبوية للاحتفاء بيوم مولده -صلى الله عليه وسلم-، لا كما يفعل اليوم من اتخاذه عيدا، تظهر الزينة بمناسبته، ويجتمع فيه للذكر أو المديح، وتتبادل فيه الناس الزيارات، والتهاني، والتهادي بمناسبته خاصة، وغير ذلك مما لم يفعله -صلى الله عليه وسلم-، ولا صحابته بعده، ولا عرف في القرون المزكاة بعد ذلك، مع قيام الداعي وعدم وجود المانع.
ناهيك عن المنكرات العقدية والعملية التي لا تنفك غالبا عن الاحتفالات في ذلك اليوم، ثم إن يوم مولده -صلى الله عليه وسلم- من السنة لا يعرف على وجه القطع، ولذلك اختلف أهل العلم في تعيينه على عدة أقوال.
ولو كان لهذا اليوم من السنة عبادة مخصوصة، أو سنة محفوظة، لاعتنى الصحابة والتابعون لهم بإحسان بتعيينه على وجه الدقة، ولكنهم لم يفعلوا، وهم مَن هم في تعظيم النبي -صلى الله عليه وسلم- ومحبته، والفرح به، واتباع سنته! ولو كان ذلك خيرا لسبقونا إليه مع توفر الدواعي، وانتفاء الموانع. وراجع في ذلك الفتوى: 130441.
وهنا ننبه على أن صيام يوم عاشوراء لا يقتصر على إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لليهود على صيامه، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصومه قبل الهجرة، بل كانت قريش تصومه في الجاهلية قبل البعثة، كما قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه. رواه البخاري ومسلم.
وراجع للأهمية في بقية الجواب الفتويين: 319900، 151445.
والله أعلم.