عنوان الفتوى : اختلاف المذاهب في عدد الرضعات المحرمة
قرأت في أحد المقررات الجامعية، وهو رسالة ماجستير بعنوان: "الرضاع المحرم" أن الحنفية اعترضوا على استدلال الشافعية بحديث عائشة: (كان مما أنزل من القرآن عشر رضعات يحرمن ... الحديث). وحديث سهلة الذي فيه قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أرضعيه خمس رضعات)، وكان اعتراض الحنفية أن هذين الحديثين زيادة على النص، والزيادة على النص نسخ، والقرآن لا يُنْسَخ بخبر الآحاد، فلا يجوز الاستدلال به على عدد الرضعات المحرمات.
بحثت في كتب الحنفية والشافعية عن هذا الاعتراض تحديدا، لكني لم أجده، وقرأت كلاما كثيرا عن قاعدة "الزيادة على النص نسخ" لأني أقوم ببحث فيها؛ لكني لم أجد أي مثال يتكلم عن عدد الرضعات، وحديث عائشة وسهلة، علما أن صاحب الرسالة الجامعية ذكر المصدر وهو: (النجدي 56: 3 / 218) لكني لا أدري أين أجد هذا، فقد بحثت عنه ولم أجده.
فسؤالي هو: أين أجد، وفي أي كتاب، اعتراض الحنفية على الشافعية بقاعدة:"الزيادة على القرآن نسخ" باستدلال الشافعية بحديث عائشة وسهلة بالتحريم بخمس رضعات.
وأرجو تكرما منكم الإسراع في إجابتي إن كان لديكم علم في هذا.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمما وقفنا عليه من اعتراض الحنفية بقاعدتهم المشهورة: (الزيادة على النص نسخ) على الشافعية وغيرهم من القائلين بتحديد عدد الرضعات.
ما جاء في كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري للإمام بدر الدين محمود بن أحمد العيني (وهو حنفي): ويمكن أن يستدل على أن الرضعة الواحدة لا تحرم؛ لأنها لا تغني من جوع، فإذن يحتاج إلى تقدير، فأولى ما يؤخذ به ما قدرته الشريعة وهو خمس رضعات.
قلنا: هذا كله زيادة على مطلق النص؛ لأن النص غير مقيد بالعدد، والزيادة على النص نسخ، فلا يجوز.
وكذلك الجواب عن كل حديث فيه عدد مثل حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تحرم المصة ولا المصتان، وفي رواية النسائي عنها: لا تحرم الخطفة والخطفتان.
وقال ابن بطال: أحاديث عائشة كلها مضطربة، فوجب تركها، والرجوع إلى كتاب الله تعالى. وروى أبو بكر الرازي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قولها: لا تحرم الرضعة والرضعتان، كان، فأما اليوم فالرضعة الواحدة تحرم فجعله منسوخا.
وكذلك الجواب عن قولها: لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان. انتهى.
والله أعلم.