عنوان الفتوى : من قال لزوجته الثانية تحت إلحاح الأولى: "أنت طالق بالثلاث" ولم يكن ينوي الطلاق

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تزوجت من زوجة ثانية، غير أن الأولى رفضت، وأرادت تطليقها، فانفردت بي مع ابنها الذي هو ربيبي، وقالا لي: كلّم زوجتك، مع إلحاحهما إلحاحًا شديدًا، وقل لها: "أنت طالق بالثلاث"، فانتابني غضب شديد، ونطقت بها، ولكن كان في نيتي أن لا أطلّقها، وإنما قلتها فقط حتى ينصرفا عني، علمًا أنها كانت على طهر، وقد جامعتها فيه في الليلة التي سبقت الحدث، وبعد مرور العدّة بعشرة أيام راجعتها بالهاتف؛ لأنني كنت أعتقد أن العدة للمطلقة هي ثلاثة أشهر وعشرة أيام.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمجرد إلحاح زوجتك وابنها، لا يجعلك في حكم المكره الذي لا ينفذ طلاقه؛ فالإكراه المعتبر يكون عند غلبة الظن بحصول ضرر شديد -كالقتل، أو الضرب، ونحو ذلك-، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، قَادِرًا بِسُلْطَانٍ، أَوْ تَغَلُّبٍ -كَاللِّصِّ، وَنَحْوِهِ-.

الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ، وَهَرَبِهِ، وَاخْتِفَائِهِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا -كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ، وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ-. انتهى.

وصريح الطلاق لا يحتاج إلى نية لوقوعه، جاء في مختصر الخرقي: وإذا أتى بصريح الطلاق، لزمه، نواه أو لم ينوه. انتهى.

ولا يمنع نفوذ طلاقها كونها كانت في طهر جامعتها فيه، والطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثًا، عند جماهير أهل العلم، وراجع الفتوى: 5584.

وعليه؛ فإن كنت تلفظت بصريح طلاق زوجتك ثلاثًا؛ فالمفتى به عندنا أنّها طلقت منك ثلاثًا، وبانت بينونة كبرى، ومراجعتك لها باطلة، سواء كانت في العدة أم بعدها؛ فمراجعة المطلقة ثلاثًا؛ لا تصحّ إلا إذا تزوجت زوجًا آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج، ثمّ يطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.

وننبهك إلى أنّ عدة المطلقة التي تحيض ثلاث حيضات، وإن لم تكن من أهل الحيض، فعدّتها ثلاثة أشهر، وإن كانت حاملًا، فعدّتها وضع حملها.

والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودِينهم.

والله أعلم.