عنوان الفتوى : مفاسد الزواج من غير صاحبة الدين والخلق
ابني يدرس في الجامعة، وقد خطبت له زميلته. والدة البنت ووالدها منفصلان منذ أن كانت هي وأختها طفلتين. تزوجت الأم، وتزوج الأب وأخد أطفاله معه، ورباهم إلى أن دخلوا الجامعة. وقد هربت البنتان من بيت أبيهما للعيش في بيت والدتهما. واكتشف الأب ذلك، وقال من وقتها إن بنتيه قد ماتتا، ولم يرهما ولا ينفق عليهما منذ 4 سنوات، وكذلك البنتان. وتولى جدهما لأبيهما الإنفاق عليهما بجزء يسير.
تزوجت إحدى البنتين من رجل متزوج، وخطب ابني الأخرى. وبعد الخطوبة فوجئنا بانتقال الأم لبلدة زوجها، تاركة المخطوبة بمفردها بشقتها. وقد حولت المخطوبة الشقة لسكن الطالبات، واشتغلت في عمل ديكور لأفراح زميلاتها. وكنت أعاتبها على شيء بسيط، وجدت منها سوء خلق في الرد.
إلى جانب كل هذه الظروف، أطلب من ابني فسخ خطوبته منها، وهو متمسك بها، خصوصا أننا وافقنا على الخطوبة تحت ضغط شديد، وطلبنا منها أن تستسمح من أبيها قبل الخطوبة وبعدها، فلم تقبل. ونحن رافضون لوضعها الماضي والراهن، خصوصا أن والدها يرفض أن يكون وليا لها عند الزواج، وهو لم يرفض ابني، ولكنه على خلاف شديد مع بنتيه، لم ولن يحل، ويريد أن يكون جدها لأبيها هو وليها، وأنا أرفض الموضوع برمته، وللعلم بالشيء، الأب لم يعترض على ابني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولا إلى أن هنالك أسسا لاختيار الزوجة، ومن أهمها أن تكون صالحة في دينها وخلقها.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين، تربت يداك. وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.
فإن لم تكن هذه الفتاة صالحة في الدين والخلق، فلا ينبغي لابنك الزواج منها أو الإصرار على ذلك، فانحراف المرأة يجعل الزواج عرضة للخلل في الحياة الزوجية أو فشلها.
ويجب على ابنك طاعتك إن منعته الزواج منها؛ لأن طاعته لك واجبة، وزواجه منها ليس واجبا عليه، وهذا ما لم يخش على نفسه الوقوع معها في المعصية بسبب تعلقه بها، وراجعي الفتوى: 93194.
وعلى تقدير إرادة هذه البنت للزواج من ابنك أو من غيره، وامتناع أبيها عن تزويجها لغير مسوغ شرعي، فيتولى تزويجها من هو أولى بها بعده كأبيه: أي جد هذه الفتاة، ويمكن مطالعة الفتوى: 22277.
وننبه إلى أن البنت البالغة لا حضانة عليها، فلها الحق في الإقامة عند من شاءت من أبويها.
قال ابن قدامة في المغني: ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل، أو المعتوه. فأما البالغ الرشيد فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه؛ لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. وإن كانت جارية، لم يكن لها الانفراد، ولأبيها منعها منه؛ لأنه لا يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها، ويلحق العار بها وبأهلها. اهـ.
ومن هذا نعلم أنه ليس للأب منع ابنته البالغة من الذهاب لأمها، وأنها لا مؤاخذة عليها في ذهابها إلا أن يكون قد منعها لمعنى صحيح كالخوف عليها مما يفسدها ونحو ذلك. وإنفاقه على من لا مال لها من بناته واجب عليه حتى تتزوج، ويدخل بها زوجها. كما بينا في الفتوى: 179233.
وإن أخطأت هذه الفتاة أو أي من أخواتها في حق أبيها، وفعلت ما يؤذيه. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله -تعالى- وتستسمحه. ففي إيذائه بأي أذى، نوع من العقوق.
قال ابن الصلاح في فتاواه: العقوق المحرم: كل فعل يتأذى به الوالد. اهـ.
والله أعلم.