عنوان الفتوى : التعامل مع الجيران المؤذين ذوي الرحم
السؤال
مشكلتي أني أسكن بجوار عائلة أخي زوجي، وزوجته امرأة متسلّطة، حقودة، قاسية، تزرع الفتن، لكنها لا تظهر ذلك للناس، والناس تقدّرها، وعائلة زوجي يعرفون طباعها السيئة، وأنا الوحيدة المتضررة بسبب الجوار، ولديهم بنت أشرس من أمّها، فهي تسرق أحيانًا، وتلفّق حكايات لا أصل لها، وتزرع الفتن، وتتدخّل فيما لا يعنيها، ولا يوجد عندها جنس الحياء.
أنا المتضررة بسبب الجوار، وأنا الشاهدة على كل هذا، وهذا كله أثقل كاهلي، وأتمنى أن أقاطعهم، لكني أخاف الله؛ فأريد أحيانًا أن أكشفهم، أو أخاصمهم، وأضطرّ مكرهة للحديث عنهم عندما أشعر بالظلم والقهر، لكني أشعر أني ارتكبت ذنبًا، فلست مرتاحة، وهم أقوى مني، ولا أعرف كيف أتعامل معهم شرعًا دون أن أخطئ.
أخو زوجي متوفى، وقد ظلمنا أنا وزوجي كثيرًا، وأهاننا، وهذا أوقع في قلبي كرهًا وإحساسًا عميقًا بالظلم لم أستطع تجاوزه، فكيف التعامل مع عائلة يربطك بهم جوار، وصلة رحم، وهم أيتام وذوو أخلاق سيئة؟ وشكرًا جزيلًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فوصيتنا لك أن تصبري على هؤلاء الجيران قدر استطاعتك، مع أخذ الحيطة والحذر من شرّهم، واجتناب المخالطة التي تجلب الأذى، والحرص على مقابلة الإساءة بالإحسان؛ طلبًا لرضا الله، وسعيًا لإطفاء نار العداوة، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
لكن إذا كان عليك ضرر في دِينك أو دنياك لا يزول إلا بهجر هؤلاء الجيران؛ فيجوز لك هجرهم حينئذ، قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ. انتهى.
والله أعلم.