عنوان الفتوى : تعسّر استقدام المخطوبة بعد الاستخارة هل فيه دليل على أن الأفضل تركها؟
السؤال
أنا شاب خاطب لفتاة تسكن في بلد آخر مجاور لبلدي، وأريد استقدامها، فأنا أحبّها، وهي تحبّني، ونحن مخطوبان منذ خمس سنوات، وبسبب دراستها طالت فترة الخِطبة، ولم تحدث بيننا مشاكل تذكر طول هذه الفترة، وأهلنا متفاهمون على كل شيء -بفضل الله-.
وعند انتهاء دراستها منذ سنة، بدأت في السعي لاستقدامها، وبذلت شتى الطرق، وكلما وصلت لآخر الطريق تتعسّر أموري، فهل أستمرّ في السعي، أم إن في هذا رسالة من الله بأن هذه الفتاة ليست خيرًا لي؟ لا أريد أن أخسر الفتاة أبدًا، ولا نية لي بذلك أبدًا؛ لأننا متوافقان -بفضل الله-، وأنا شخص مقتنع بنصيبي -والحمد لله-، وأن كل شيء يكون بأمر الله، ولكن الشكّ يراودني أحيانًا، فهل في تعسّر الأمور عدة مرات رسالة من الله على ترك هذا الأمر؟ لا أريد أن أكون ظالمًا للفتاة، وأنا دائمًا أستخير ربي، وأسعى في طريق ويتعسّر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نوصيك به أن تستعين بالله تعالى، وتستمرّ في السعي والاجتهاد في سبيل إتمام الزواج، ولا تترك الفتاة بسبب تعسّر هذا الأمر؛ فليس هذا بالضرورة دليلًا على أنّ الأفضل ترك هذه الفتاة.
وبخصوص الاستخارة؛ فالراجح عندنا أن المستخير يمضي في الأمر بعد الاستخارة، ولا يتركه، إلا أن يصرفه الله عنه، وانظر الفتوى: 194019.
والأصل أنّ العبد إذا تعسرّت بعض أموره، فعليه أن يجدّد التوبة إلى الله؛ فإنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ...يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فَالْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ، وَالِاسْتِغْفَارِ. انتهى.
وعلى أية حال؛ فإنّ الخطبة وعد بالزواج، وفسخها غير محرم، ولكنّه مكروه، إن كان من غير مسوّغ، وراجع الفتوى: 65050.
والله أعلم.