اليقين في النصر والتمكين
مدة
قراءة المادة :
14 دقائق
.
اليقين في النصر والتمكينعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إلى الْقَبْرِ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ، غَيْرَ فَزِعٍ، وَلَا مَشْعُوفٍ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ فِي الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَصَدَّقْنَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللَّهَ، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إلى مَا وَقَاكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إلى زَهْرَتِهَا، وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إلى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إلى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى"[1].
اليقين: الذي صنع وما زال يصنع نماذجَ بذلٍ وتضحية لا يصدقها عقل إذا قاسها بمقياس المادة، لكن الأمر مع العقيدة يختلف.
اليقين: هو السر الذي سبقنا به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم ما سبقونا بكثرة صلاة أو عبادة فحسب؛ بل سبقونا بهذا الرصيد الخفي الذي لا يطلع عليه أحد إلا الذي يطلع على خفايا الصدور، إنه كنز اليقين.
فالمؤمن لا تعصف رياحُ الشكوكِ بقلبه، أما المنافق فهو المرتاب أبدًا المتشكك دومًا، يتشكك في الله تارة، وفي الرسول تارة، وفي المنهج تارة.
اليقين بأن المستقبل للإسلام:
اليقين بأن العاقبة للمتقين، وأن النصر للمؤمنين، اليقين بأن الليبراليين والعلمانيين واللادينيين والذين يكرهون تطبيق شريعة رب العالمين لن يذوقوا طعم التمكين؛ لأن الله تعالى قال ذلك، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك.
﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 8، 9].
المصباح الذي أناره محمد صلى الله عليه وسلم، تألَّب عليه مليون أبي لهب ومليون عبدالله بن سلول يطفئونه، ولكن هيهات هيهات شعلة الإسلام لن تطفئها نفخة العدوان أو عصف السخيمة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها"[2].
وسئل عبدالله بن عمرو بن العاص: "أي المدينتين تُفتح أولًا: القسطنطينية أو رومية؟ فقال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب؛ إذ سئل صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح أولًا القسطنطينية أم رومية؟ فقال: مدينة هرقل تُفتح أولًا"[3] يعني: قسطنطينية.
ورومية: هي روما وهي عاصمة إيطاليا اليوم، وقد تحقَّق الفتح الأول، وسيتحقق الثاني ولا بُدَّ بإذن الله، وهذا يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة، وهو ما بشَّرنا به النبي صلى الله عليه وسلم.
اليقين بأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، فبالباطل ينتفش ويظهر، لكن إذا قابل الحق سرعان ما يزول: ﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [الفتح: 22] ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76].
اليقين في النصر والتمكين:
إن مما يغرس في قلوب المؤمنين اليقين في النصر والتمكين: وُعُودَات وعَد بها ربُّ العالمين وبشارات بشَّر بها الرسول الأمين.
وهذه البشارات ليست لمجرد رفع اليأس الذي تملَّك بعضَ المسلمين، وليست مجردَ رد فعل أمام الهزائم المتوالية التي أصابت الأمة الإسلامية أقليات وأكثريات، كما أنها ليست توهُّمات أو خيالات، كما أنها ليست من جنس ما عند اليهود من أماني وأوهام ووعود مفتراة وأحلام، كلَّا، فبشاراتنا من كلام الله لا من كلام البشر، ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، وإن وعد الله لا يتخلف، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ [يونس: 55]، وكما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 111].
بشارات ربانية:
الإسلام كالشمس، إذا غربت في جهة طلعت في جهة أخرى، فلا تزال طالعة.
قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55].
ألا إن وعد الله قائم، ألا وإن شرط الله معروف، فمن شاء الوعد فليقم بالشرط، ومن أوفى بعهده من الله؟
قال ابن القيم رحمه الله: "يأبى عدل الله أن يُولِّي علينا أمثال معاوية فضلًا عن أبي بكر وعمر، فإن وُلاتنا على قدْرنا، وولاةُ السلف على قدرهم".
وقال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، وقال تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40، 41].
وقد يتأخر النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعدُ في بذلها لله ولدعوته، وقد يتأخر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل، وقد يتأخر النصر حتى تتهيَّأ النفوس لاستقباله واستبقائه ولكنه آتٍ ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 6].
وفي قصة نبي الله موسى مع فرعون أعظم البراهين على ضرورة اليقين بالنصر والتمكين؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4].
انظر إلى السحرة الذين كانوا يعدُّون القربَ من فرعون نهاية آمالهم ويقسمون بعزته كما قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [الشعراء: 41، 42].
تأمل قول الله تعالى: ﴿ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الشعراء: 44].
ثم يمس الحق قلوبَهم فيحولَها تحويلًا يصل إلى أعماق نفوسهم وقرارة قلوبهم، فأزال عنها ركام الضلال، وجعلها صافية حية خاشعة للحق في لحظات قصار.
﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ﴾ [طه: 70]، ويأتي تهديد فرعون السفاح بلا تحرُّج من قلب أو ضمير ﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾ [طه: 71].
فتخرج الكلمة من قلب وجد الله، واتصل بالله، فذاق طعم العزة ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 72، 73].
إنها لمسة الإيمان في القلوب التي كانت منذ لحظة تعتبر القربى من فرعون مغنمًا، فإذا هي بعد لحظة تواجهه في قوة وتحتقر ملكه وزُخرفه وجاهه وسلطانه، وكان ما كان.
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 52 - 62].
يبلغ الكربُ مداه، ويقول موسى عليه السلام كلمتَه، لا يشك لحظة، فاليقين يملأ قلبه، وقد تأكَّد من النجاة وإن كان لا يدري كيف تكون فهي لا بد كائنة.
لن نكون مدرَكين، لن نكون هالكين، لن نكون ضائعين، يقولها بالجزم والتأكيد واليقين.
وينبثق الشعاع المنير في ليل اليأس والكرب ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 63 - 67].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].
بشارات نبوية:
قال صلى الله عليه وسلم: "ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يتركُ الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام وذلًّا يذل به الكفر"[4].
وقال صلى الله عليه وسلم: "تكون النبوَّة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريًّا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت"[5].
وقال صلى الله عليه وسلم: "تصدَّقوا، فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل: لو جئتَ بها بالأمس لقبلتُها، فأما اليوم لا حاجة لي بها"[6]، وفي رواية: "بالصدقة من الذهب"[7].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس"[8].
والبشارات في الكتاب والسنة المطهرة كثيرة ومشتهرة، فإذا رأيتها قد تخلَّفت عنا، أو وجدتَّ أن لا أثر لها في واقع الأمة الإسلامية إلا في القليل النادر، فليس هذا معناه أن وعد الله تخلَّف، أو أن القرآن حُرِّف، أو أن يقع في نفسك شك، وإنما يجب أن تعلم يقينًا أن صفة الإيمان لم تتحقق بعد؛ لأن الأمر كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].
وأول طريق النصر تغيير النفس، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
تغييرُك من نفسك نُصرة لدين الله، وقوة للأمة.
إذا كنت مُقيمًا على ذنب، فاتركه لله.
إذا كنت مقصرًا في الصلاة، آن الأوان أن تعود إليها.
إذا كنت هاجرًا للقرآن، فارجع إليه والزَمه.
تُنصرُ الأمةُ بصلاح أفرادها، وتُهزَم بذنوبهم.
انصروا أمَّتَكُم بصلاح أحوالكم.
[1] رواه ابن ماجه، واللفظ له، وقال في الزوائد: إسناده صحيح، ونحوه عند البخاري في الجنائز، ومسلم.
[2] رواه مسلم.
[3] رواه أحمد وغيره وسنده صحيح.
[4] رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني في الصحيحة.
[5] رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني في الصحيحة.
[6] متفق عليه.
[7] متفق عليه.
[8] متفق عليه.