عنوان الفتوى : الرجوع في الخطبة بين الجواز وعدمه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أريد معلومات بخصوص الخطبة، فهل يمكن كتابة شيء على الورق، كعقد صغير مثلا، لكي يحفظ الطرفان حقهما في حال تم إنكاره من الطرف الآخر؟ ومثال ذلك: أنه في أي لحظة يمكن أن ينكر الوالد أن بنته مخطوبة، ويزوجها لشخص آخر أفضل من الشخص الأول، وما الحل في هذه الحالة.
وشكرا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حاجة في الخطبة لكتابة، أو إشهاد؛ وإنما يُحتاج إلى الإشهاد، والكتابة في عقد الزواج؛ فهو الذي تترتب عليه حقوق، وتلزم به واجبات، أمّا الخطبة: فهي مجرد وعد بالزواج، يجوز الرجوع فيه لكل من الطرفين.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا يكره للولي الرجوع عن الإجابة، إذا رأى المصلحة لها في ذلك؛ لأن الحق لها، وهو نائب عنها في النظر لها، فلم يكره له الرجوع الذي رأى المصلحة فيه، كما لو ساوم في بيع دارها، ثم تبين له المصلحة في تركها، ولا يكره لها أيضا الرجوع إذا كرهت الخاطب؛ لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها، والنظر في حظها، وإن رجعا عن ذلك لغير غرض، كره؛ لما فيه من إخلاف الوعد، والرجوع عن القول، ولم يحرم؛ لأن الحق بعد لم يلزمهما. انتهى.

فإذا رجع الولي في الخطبة؛ فلا حقّ للخاطب في الاعتراض عليه؛ والذي يفعله في هذه الحال؛ أن يبحث عن غيرها، لكن إذا كان الرجوع عن الخطبة بسبب خطبة خاطب آخر؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحريمه، فقد جاء في حاشية الدسوقي -رحمه الله- على الشرح الكبير: واعلم أن رد المرأة، أو وليها بعد الركون للخاطب لا يحرم، ما لم يكن الرد لأجل خطبة الثاني. انتهى.

ولا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه بعد أن حصل القبول والركون إليه من جهة المخطوبة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:... ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح، أو يترك. متفق عليه.

أمّا إذا علم بخطبة غيره، ولم يحصل القبول بعد؛ فلا حرج عليه في التقدم لخطبتها حينئذ، ففي حديث فاطمة بنت قيس:.. قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي. رواه مسلم.

قال الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في كتاب الأمّ: قد أَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَطَبَاهَا، وَلَا أَحْسِبُهُمَا يَخْطُبَانِهَا إلَّا وقد تَقَدَّمَتْ خِطْبَةُ أَحَدِهِمَا خِطْبَةَ الآخر، لِأَنَّهُ قَلَّ ما يَخْطُبُ اثْنَانِ مَعًا في وَقْتٍ، فلم تَعْلَمْهُ، قال لها ما كان يَنْبَغِي لَك أَنْ يَخْطُبَك وَاحِدٌ حتى يَدَعَ الْآخَرُ خِطْبَتَك، وَلَا قال ذلك لها وَخَطَبَهَا هو صلى اللَّهُ عليه وسلم على غَيْرِهِمَا، ولم يَكُنْ في حَدِيثِهَا أنها رَضِيَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَا سَخِطَتْهُ، وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ على أنها مُرْتَادَةٌ، وَلَا رَاضِيَةٌ بِهِمَا، وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَمُنْتَظِرَةٌ غَيْرَهُمَا، أو مُمِيلَةٌ بَيْنَهُمَا، فلما خَطَبَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أُسَامَةَ، وَنَكَحَتْهُ دَلَّ على ما وَصَفْت من أَنَّ الْخِطْبَةَ وَاسِعَةٌ لِلْخَاطِبَيْنِ، ما لم تَرْضَ الْمَرْأَةُ. انتهى.

والله أعلم.