عنوان الفتوى : إنفاق الأب على الابن الكبير القادر على الكسب وتمليكه شقة للزواج
السؤال
نحن عشرة إخوة غير أشقاء، وقد زوّج أبي الابن والبنت الكبيرين، وعرض على أحد الإخوة غير الأشقاء الزواج كثيرًا منذ عشر سنين، ورفض، وأخي الشقيق -عمره 27 سنة- خاطب منذ أربع سنين، وزواجه قريب -إن شاء الله-، وتأجّل زواجه لأن الظروف المادية لم تكن تسمح بذلك، وأبي خرج على المعاش، والأرض التي وضع فيها كل ماله حصل عليها مشاكل وقضايا كبيرة لأكثر من سبع سنين، وأخي هذا محام؛ ولأن المعاش لا يكفي تعليم أربع بنات وابن، فصاحب المكتب الذي يشتغل فيه، كان يتولى كل القضايا، ولا يأخذ فلوسًا من أبي، وفي نفس الوقت لا يعطي أخي مرتبًا إلا قليلًا، وعلى فترات كبيرة، فلم يقدر أخي أن يشتري شقة خلال الأربع سنين.
وكنا -تسعة أفراد- نعيش في بيت مكون من غرفتين وحمام فقط من غير مطبخ، والمشكلة انحلت، وباع أبي الأرض، وأول شيء عمله أن بنى بيتًا لنا، ومن وقتها وأخي الذي لم يتزوج -غير الشقيق- مقاطع أبي منذ سنة؛ لأن أبي رفض أن يعطيه مليون جنيه؛ بحجة أنه لم يصرف عليه منذ كذا سنة، مع أنه كان منتهيًا من التعليم ويشتغل، وذهب إليه أبي في شقته منذ سنة، وقال له: سأعمل لك شقة، وحفلة زواج مثلما سأعمل لأخيك، لكني لن أعطيك فلوسًا؛ لأن إخوتك ما زالوا في التعليم، والبنات الأربع لم يتم تجهيزهنّ، لكنه لم يوافق.
وأخي المقاطع جاء بالأمس، وقال لأبي: أريد شقة وأغراض بيت و150 ألفًا مصاريف الفرح، فرفض أبي، وقال له: أنت عندك عفش وشقة، ومع ذلك فأنا موافق أن أبني لك بيتًا مثل الذي بنيته لإخوتك، لكنه سيكون باسمي، وسأعمل لك الفرح، وأخي هذا مقيم على مواقع التواصل يُشَوِّه سمعتنا، فهل ظلمه أبي؟ هل نحن آخذون حقه كما يقول؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يظهر من السؤال ظلم من الوالد لولده، فليس على الأب أن ينفق على ابنه الكبير القادر على الكسب، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه. انتهى.
وعليه؛ فلم يكن واجبًا على أبيك أن ينفق على ابنه الذي له عمل يكتسب منه.
وحتى لو فرض أنّه وجبت عليه النفقة لابنه ولم ينفق عليه؛ فليس للابن مطالبته بتعويضها بعد فوات وقتها، لأنّ نفقة القريب تسقط بمضي وقتها، قال الحجاوي -رحمه الله- في الإقناع: ومن ترك الإنفاق الواجب مدة، لم يلزمه عوضه؛ إلا إن فرضها حاكم، أو استدان بإذنه. انتهى.
وإذا كان الابن محتاجًا للإعانة على مؤنة الزواج؛ فعلى الأب أن يعينه على ذلك بالمعروف، كما أعان إخوته، وليس عليه أن يملّكه شقة يتزوج فيها، ولكن يكفي أن يسكنه فيها، وتبقى على ملك الوالد. وراجعي الفتوى: 372439.
وعلى كل حال؛ فإنّ قطع الولد أباه؛ حرام، وظلم ظاهر.
والواجب على الولد أن يبادر بالتوبة إلى الله، ويعتذر إلى أبيه، ويبرّه، ويحسن إليه.
والله أعلم.