عنوان الفتوى : لو زوج الأب أحد أبنائه وملّكه شقة، فهل يلزمه توفير ذلك لبقية الأبناء؟
أخي الكبير خرج من المدرسة في الصف السادس برغبته، وأنا أكملت، ودخلت كلية محترمة (قسم اللغة الإنجليزية)، وهي حكومية، لكن هذا القسم يتطلب 8000 جنيه سنويًّا، وأبي زوج أخي الكبير، وأحضر له كل متطلبات الزواج من ذهب، وشقة، حتى أنه بنى شقة لابنه، فهل أبي ملزم أن يوفر لي كل ما وفره لأخي في الزواج؟ أم الأمر يختلف؛ لأنني تعلمت؟ مع العلم أن أخي ترك التعليم بكامل إرادته، وهل يجوز لأبي أن يمنعني من أجري إن كنت أعمل معه، بناء على ما سبق؟ وشكرًا جزيلًا لكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما أنفقه والدك على أخيك في زواجه بقدر الحاجة، ومنها إسكانه في شقة ينتفع بها، لا على سبيل التمليك، فهو من باب النفقات، لا يلزمه أن يعطي غيره مثله.
أمّا ما زاد عن قدر الحاجة، كتمليك الشقة، وغيرها مما يزيد على المعروف، فواجب عليه أن يسوي فيه بينه وبين سائر ولده، قال البهوتي -رحمه الله-: نص أحمد في رواية صالح، وعبد الله، وحنبل فيمن له أولاد، زوج بعض بناته، فجهزها، وأعطاها، قال: يعطي جميع ولده مثل ما أعطاها. وعن جعفر بن محمد، سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل له ولد، يزوج الكبير، وينفق عليه، ويعطيه، قال: ينبغي له أن يعطيهم كلهم مثل ما أعطاه، أو يمنحهم مثل ذلك.
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: .. فإنْ زاد على المعروف، فهو من باب النِحل، ولو كان أحدهما محتاجاً دون الآخر، أنفق عليه قدر كفايته، وأمّا الزيادة، فمِن النِحل.
والتسوية تكون بأحد أمرين: إما بأن يعطي سائر أولاده مثل ما أعطى الأول، أو يرد ما أعطاه للأول -إن أمكن-، قال ابن قدامة: فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها، أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر.
وأمّا هبة شقة لحفيده، فالراجح عندنا أنّه لا حرج في ذلك، ولا يلزمه التسوية في ذلك بينه وبين أبنائه، وراجع الفتوى رقم: 77744.
وإذا كان أبوك يمنعك أجرة عملك معه مقابل توليه نفقات الكلية عنك، فهذا جائز؛ لأنّ نفقات الدراسة الجامعية ليست واجبة على الأب، كما بيناه في الفتوى رقم: 59707.
والله أعلم.