عنوان الفتوى : كيفية القضاء للزوجة الأخرى في المبيت
السؤال
سؤالي هو: أنا زوجة ثانية، سورية الجنسية، زوجي مصري، وزوجته الأولى مصرية، مقيمة في مصر، تزوجته في السودان، حيث كنا نعمل سويا، وزوجي لا يمكنه العودة لمصر لظروف تخصه، ولهذه الظروف بالإضافة لعمله هو موجود بالسودان، وقد قبلت الزواج به رغم معارضة أهلي المقيمين في سوريا، ورغم أني بزواجي منه أكون قد قطعت علاقتي نهائيا بأهلي وبلدي؛ لأني أحببته، ولأن زوجته بعيدة، وقد لا يلتقي بها إلا بعد سنين -حسب قوله- ولأنه وعدني أنه لن يدعني أشعر بغيابه، وأننا عندما نستقر كلنا في بلد واحدة، سيقسم بيننا -يوم لي، ويوم لها-. وأن لا شيء يستحق أن أسكن وحدي شهورا، وبناء على هذا الوعد تزوجته، وقد علمت من موقعكم أن موضوع القسمة للزوجة التي تقيم في غير بلد زوجها مختلف عليه شرعا، وربما تكون الأكثرية ممن يقولون بوجوب القسم لها.
وسؤالي هو: هل يجوز لزوجي بعد أن تزوجني بناء على وعد هو من رأي الأقلية أن يخلف بوعده بعد الزواج؛ بحجة عودته لرأي الأغلبية؟ وهل يحق للرجل أن يعد زوجته الجديدة قبل أن يتزوجها بما قال به الأقلية بأمر مختلف عليه؟ هل يجوز لزوجي أن يعوض زوجته الأولى عن السنوات التي قضتها في بلدها، ومع أهلها، وتقضي مصالح أطفالها، وأبقى أنا هذه السنوات وحيدة في بلد غريبة، بعد أن تركت أهلي وبلدي بسببه؟
وسؤالي الثاني: لو جاز لها القسم، هل يجوز أن يعادل أياما قضاها معي يعمل من الصباح حتى قرابة منتصف الليل بأيام يقضيها معها عاطلا عن العمل؟
وسؤالي الأخير: في حال عدم رغبتها البقاء في مصر، ولكنها قضت هذه السنوات مضطرة لظروف زوجها، وظروف أطفالها، وقضاء مصالحها، ومصالح زوجها، وإن لم ترغب في ذلك، -فإن جاز لها القسم- هل تعوض عن كامل هذه الفترة؟ أم فقط عن الفترة التي قضت بها مصالح زوجها؟ وكيف تعوض عن فترة قضاء مصالح أطفالهما كونها مصلحة مشتركة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر على ما قرأت من أن أكثر أهل العلم على القول بأن اختلاف البلدين بين الزوجتين لا يسقط حق إحداهما في المبيت، بل يجب على الزوج أن يعدل بينهما بما يتيسر، ويمكن الاطلاع على الفتوى: 105104.
وإذا كان زوجك وعدك بأن لا يغيب عنك -يعني أن لا يعدل بينك وبين زوجته الأخرى في المبيت- فليس له ذلك؛ فالعدل بين الزوجتين، أو الزوجات واجب، كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.
وكونه وعدك بأن يجعل لك يوما وللأخرى يوما، لا يعني أن لا يقضي لزوجته الأخرى تلك الأيام التي يجب عليه أن يقضيها لها، ولا يكون هذا القضاء بحيث يغيب عنك مدة تتضررين فيها، بل ذكر أهل العلم أن أقصى ما يمكثه عندها ثلاث ليال، ويكون الليلة الرابعة عندك.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (وَلَا يُوَالِيهِ) أَيْ الْقَضَاءُ فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ كُلٍّ مِن الْأُخْرَيَات تِلْكَ اللَّيَالِيَ وَلَاءً (بَلْ يُفَرِّقُهُ فَيَجْعَلُ النُّوَبَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) فَأَقَلَّ حَتَّى يُتِمُّ الْقَضَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مِقْدَارِ النُّوَبِ فِي الْقَسْمِ ثَلَاثُ لَيَالٍ اهـ.
وعماد القسم هو الليل، ويدخل النهار تبعًا له؛ كما ذكر العلماء، وقد بينا ذلك في الفتوى: 261541.
وكون نوبته مع إحدى زوجتيه يصادف أن يكون فيها عاطلا عن العمل، فهذا مما لا حرج عليه فيه، ثم إن وجود الزوج في البيت مع المرأة النهار كله قد لا يكون مرغوبا للمرأة دائما.
وإذا لم تمتنع المرأة من السفر لزوجها لتقيم معه حيث يقيم، فلا تعتبر ناشزا، فلا يسقط حقها في القسم؛ سواء بقيت في بلدها لمصلحتها، أو مصلحة زوجها، أو مصلحة ولدها.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 93860.
والله أعلم.