عنوان الفتوى : حكم إعطاء الطبيب دواء لإنقاذ مريض فنزف ومات
السؤال
أنا طبيب أمراض القلب، أعمل بمنطقة نائية. جاءني مريض كان قد انغلق شريان على مستوى إبطه، وكان لديه ألم شديد من يده إلى إبطه، بسبب عدم وصول الدم إليها.
هذا المريض يحتاج عملية جراحية في مدة أقل من 6 ساعات، وإلا ربما تقطع يده على مستوى الإبط. وأقرب طبيب مختص في جراحة الأوعية يتطلب الوصول إليه أكثر من 20 ساعة.
فقررت تجريب دواء نستعمله عادة لفتح شرايين القلب والرأس لإنقاذ يده من القطع على مستوى الإبط.
لكن لا توجد تجارب، استعملت هذا الدواء لفتح شرايين اليد، ذلك لأن التجارب عادة ما يقام بها في أوروبا، وهم ليسوا بحاجة لهذا النوع من التجارب لتوفر أطباء جراحة الأوعية في كل مكان.
في بادئ الأمر، أحس المريض بتحسن في يده، لكن يوم الغد، الدواء سبب نزيفا في الرأس. النزيف في الرأس هو إحدى مضاعفات هذا الدواء. 1 بالمئة من المرضى ينزفون بهذا الدواء. لم نتمكن من إيقاف النزيف؛ لعدم توفر طبيب جراحة الأعصاب.
توفي المريض -رحمه الله- فهل وجبت علي الدية؟
أهل الميت، الحمد لله، كانوا متفهمين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن محاولة استنقاذ يد المريض من البتر أمر مطلوب وسعي مشكور، ولكن هذا ينبغي ألا يكون على حساب التغرير بحياة المريض ذاتها. فإن كان هذا الدواء قد يؤدي إلى نزيف مميت بالرأس، فلا بد من التقيد في استعماله بالحالات المسموح بها فقط، وأما الاجتهاد في أمر يتعلق بحياة المريض، فلا يسوغ.
وعلى أية حال، فإذا حكم أهل الاختصاص بأن صرف هذا الدواء لذاك المريض يدخل في الخطأ الطبي، فإن الضرر الناشئ عنه يلزم الطبيب ضمانه. وذلك أن الطبيب الماهر الذي اجتهد فوصف للمريض دواء، فأخطأ في اجتهاده -وكانت الحالة مما يختص بعلاجها- فتلف بذلك الدواء عضو، أو مات بسببه، فإنه يضمن وإن كان لا يأثم.
وفي حال ثبوت قتل الخطأ تجب الكفارة بصيام شهرين متتابعين، وأما الدية فإنها تسقط إن عفا عنها أولياء الميت، وإلا وجبت على عاقلة الطبيب.
وراجع في ذلك الفتويين: 5852، 129756.
والله أعلم.