عنوان الفتوى : حكم ذهاب البنت للدراسة في مكان بعيد
السؤال
لدي أخت تريد أن تكمل الدراسة بعيدا عن منطقتنا، ووالدي موافق، ووالدتي أيضا، وأنا لست موافقا على إكمال دراستها، وأعارض هذا الشيء. مع العلم أنا عصبي، والعائلة تعلم أنني عصبي، وأنا ساكن بعيد عنهم بدولة مجاورة. وأحيانا أهددهم بأني سوف آتي إلى البيت، وأعمل مشاكل إذا هي ذهبت لتكمل دراستها.
سؤالي: هل التهديد يجوز أم لا؟ وأنا لا أجيد أسلوب التكلم بحكمة، وأكثرية عائلتي لا يصلون، وبعيدون عن الدين.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقك القيام بتهديد أهلك، وما ذكرت من العصبية، أو بعد أهلك عن الدين لا يسوغ لك ذلك.
ولا حرج شرعا في أن تدرس أختك بعيدا عن منطقتكم، ما دامت تلك المنطقة آمنة، وإن كانت تلك المنطقة تبعد مسافة قصر، فلا حرج عليها كذلك إن كانت ستسافر إلى تلك البلدة برفقة محرم، وستكون إقامتها في مكان آمن، ولا يشترط أن يكون معها محرم في دار إقامتها، وإنما يشترط المحرم في السفر.
جاء في فتاوى الشيخ ابن باز قوله: فإقامة المرأة في بلد بدون محرم لا ضرر فيه، ولا حرج فيه، ولا سيما إذا كان ذلك لا خطر فيه، طالما أن العمل بين النساء، ومصون عن الرجال ... اهـ.
وإذا وجد ما يقتضي مناصحة أهلك فيه؛ سواء فيما يتعلق بدراسة أختك، أم بأي أمر آخر؛ كتركهم الصلاة، فليكن ذلك برفق ولين، قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125}، وروى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه.
ويتأكد الرفق في مناصحة الوالدين، فالإنكار عليهما ليس كالإنكار على غيرهما، كما بين أهل العلم، وراجع في ذلك فتوانا 134356.
وينبغي أن تهتم بأمر ذهاب هذه العصبية عنك، فإنها خلق سيِّء، وذهابها ممكن، فالله على كل شيء قدير، فعليك بالالتجاء إليه وسؤاله.
روى النسائي عن جابر -رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول:اللهم اهدني لأحسن الأعمال، وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال، وسيئ الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت.
ومما يعينك في التخلص منه أيضا الالتزام بالآداب الشرعية عند الغضب، وسبق وأن أوضحناها في الفتوى: 8038.
والله أعلم.