مع القرآن - ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات..
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
من آيات الله ونعمه تلك الرياح التي تأتي بالبشرى بالغيث والمطر الذي يمثل مادة الحياة على الأرض، تلك النعمة التي يستشعرها أصحاب الصحارى والبقاع التي تعيش على ماء المطر، كما يستشعرها من يعيشون عند مصبات الأنهار، فلو توقفت الرياح ومعها توقف المطر لجف النهر وتوقفت أنواع الحياة، وهلك البشر والضرع والزرع، فتلك المجاعات التي تحدث في هذه الأدغال أو تلك نتيجة الجفاف يجب أن يستشعر معها من عاش في مأمن تلك النعمة العظيمة . ومقابلة النعم لا تكون إلا بالشكر للمنعم بطاعة أمره واجتناب نهيه ولا تكون أبداً بمبارزته بالعصيان فالمعصية جالبة للنقم رافعة للنعم. {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الروم 46] قال السعدي في تفسيره :أي: ومن الأدلة الدالة على رحمته وبعثه الموتى وأنه الإله المعبود والملك المحمود، {أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ} أمام المطر {مُبَشِّرَاتٍ} بإثارتها للسحاب ثم جمعها فتبشر بذلك النفوس قبل نزوله. {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} فينزل عليكم من رحمته مطرا تحيا به البلاد والعباد، وتذوقون من رحمته ما تعرفون أن رحمته هي المنقذة للعباد والجالبة لأرزاقهم، فتشتاقون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة.{وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} في البحر {بِأَمْرِهِ} القدري {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بالتصرف في معايشكم ومصالحكم. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} من سخر لكم الأسباب وسير لكم الأمور. فهذا المقصود من النعم أن تقابل بشكر اللّه تعالى ليزيدكم اللّه منها ويبقيها عليكم. وأما مقابلة النعم بالكفر والمعاصي فهذه حال من بدَّل نعمة اللّه كفرًا ونعمته محنة وهو معرض لها للزوال والانتقال منه إلى غيره.#أبو_الهيثم#مع_القرآن