عنوان الفتوى : كيفية التحلل من حقوق الخلق المادية الكبيرة واليسيرة
السؤال
وفقكم ربي، وأسعدكم في الدنيا والآخرة.
عندما كنت صغيرة، أخذت من عمّي سكينًا جميلة، ومرة أخرى أخذت من دكّان بصلة صغيرة، ولم يكن ذلك بدافع السرقة، وكذلك أخذت محفظة بقيت في مكتبة أعمل بها، ولم تأتي صاحبتها أبدًا، واستعملت أشياء بداخلها، وعملت مع شخص، وحدث سوء فهم في الاتفاق، ورغم أنه أحلّني ووهبني، فأنا أشعر بالذنب، ولا أعرف كيف أردّ هذه الأمانات.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفّقك، وأن يزيدك حرصًا على الخير.
والتحلل من حقوق الخلق المادية، يكون بردّ الحقوق إليهم، أو عفوهم، ومسامحتهم عنها.
والواجب أن يصل الحق إلى أصحابه بأي طريق، ولا يلزم الشخص أن يوصله لهم بنفسه، ولا أن يخبرهم بما صنع.
وللمرء كذلك أن يطلب العفو والصفح من الذين أخذ أموالهم، ولو دون أن يخبرهم بنفسه، كأن يرسل لهم رسالة بأن شخصًا سرق منهم، ويطلبهم العفو، فإن سامحوا؛ فقد برئت الذمة بذلك أيضًا، وراجعي في بيان ما تقدم الفتوى: 270721.
وأما من لم يستطع الشخص الوصول إليهم من أصحاب الحقوق؛ فإنه يتصدق عنهم بتلك الحقوق، مع ضمانها لهم إذا استطاع الوصول إليهم يومًا من الدهر، جاء في الروض المربع: (وإن جهل) الغاصب (ربّه) أي: ربّ المغصوب، سلّمه إلى الحاكم، فبرئ من عهدته، ويلزمه تسلمه، أو (تصدق به عنه مضمونًا) أي: بنية ضمانه، إن جاء ربّه، فإذا تصدق به، كان ثوابه لربّه، وسقط عنه إثم الغصب، وكذا حكم رهن، ووديعة، ونحوها إذا جهل ربّها. اهـ. هذا هو تأصيل مسألة التحلل من حقوق العباد المادية.
على أن الأشياء اليسيرة المحتقرة التافهة، التي جرت العادة بالمسامحة فيها، وترك المشاحّة، لا يبعد أن يقال: إن الذمة لا تتعلق بها أصلًا، ولا يجب ردّها، خاصة ما كان مع الأقارب -كالخال-، وراجعي للفائدة الفتويين: 327514، 322450.
وكذلك ما نبذه الناس، وطرحوه رغبة عنه، لا إثم في أخذه، وتملكه أصلًا، كما سبق في الفتوى: 190509.
وأما قولك: (وعملت مع شخص، وحدث سوء فهم في الاتفاق، رغم أنه أحلّني ووهبني، فأنا أشعر بالذنب): فما الذي تريدينه بعد عفو صاحب الحق ومسامحته!؟
ويخشى أن يكون مثل هذه المبالغة من التعمق، والورع البارد المذموم شرعًا.
والله أعلم.