عنوان الفتوى : الطريق إلى التسامح مع الحاقدين والحاسدين
السؤال
يوجد في هذه الحياة كثير من الناس الذين يحقدون عليَّ، ويوجد من يحب لي الخير. وأنا بالمثل، أحب من يحبني، وأكره بشدة من يحقد عليَّ.
فكيف أعوِّد نفسي على التسامح مع الحاقد، حيث إن القلب لا يقر ذلك. فكيف أنجو من الحديث الذي يقول: عينان لا تدخلان الجنة: الحاقد والحاسد؟ وما هو الدعاء الذي أدعو به دائما لكي لا أحقد على أحد أبدا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أوَّلًا إلى أن الحديث الذي ذكرته، لم نقف عليه في شيء من كتب السنة. على أن ترك الحقد والتخلص منه والتسامح مع الحاقدين، خلق حسن جميل.
وطريق التسامح مع الحاقدين والحاسدين: أن تعلم أنهم لن يضروك إلا بما قد كتبه الله عليك، وأن تستشعر أنهم يضرون أنفسهم بذنوبهم تلك، ويلقون بأيديهم إلى التهلكة، فتشفق عليهم من المصير الذي يصيرون إليه، ويتبدل كرهك لهم رحمة بهم وشفقة عليهم.
ثم تستحضر أن الله تعالى هو الذي سلطهم عليك ليؤذوك بحقدهم وحسدهم، وذلك بسبب ذنوب العبد ومعاصيه، فيرجع باللائمة على نفسه، ويجتهد في إصلاح عيوبها؛ فإن ما يصيبه من المصائب إنما هو بسبب تفريطه، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.
فيحمله ذلك كله على الإحسان إلى من يسيء إليه، ويرغبه في ذلك ما وعد الله به المحسنين، ورغب فيه من يقابلون السيئة بالحسنة، كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، وقال صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا. أخرجه مسلم.
فهو لا يريد أن يضيع على نفسه ذلك الثواب الجزيل، وتلك المنزلة الرفيعة، فكلما طالع تلك المنزلة هان عليه الخطب، ورأى يسيرا أن يعفو عمن ظلمه أو حقد عليه، أو حسده أو أساء إليه.
وأما تطهير القلب من الحسد والحقد، فله طرق بيناها في فتاوى كثيرة انظر منها الفتوى: 14710، والفتوى: 171321. وليس هناك دعاء معين لذلك، لكن سَلِ الله قلبا سليما، وسَلْه أن يطهر قلبك من هذه الآفات.
والله أعلم.