الزهور على قبر الأسقف
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
لماذا وضع السيسي إكليل من الزهور على قبر الأسقف مكاريوس الثالث، أول رئيسٍ قبرصيّ، وكبير أساقفة الكنيسة الأرثوذوكسية القبرصية.. أي قبر الرجل الذي جمع بين قيادة الكنيسة وقيادة الدولة في جزيرة قبرص المتنازع عليها بين تركيا واليونان.
تاريخ الأسقف مكاريوس الثالث، وعدائه للإسلام والمسلمين، وارتكابه لأعمالٍ (إرهابية) ضدهم، وافتخاره بهذا يكشف عنه تصريحاته الشخصية في مقالةٍ نشرت يوم 8 أغسطس 1977 -أي بعد وفاته بخمسة أيامٍ- في صحيفة "جلاسجو هيرالد" البريطانية.
المقالة تسلط الضوء علي أنّ دور مكاريوس الثالث لم يكن فقط كرئيسٍ لجزيرة قبرص -المتنازع عليها بين القبارصة المسلمين في شمال الجزيرة، والقبارصة المسيحيين في الجنوب- وإنما كان له دورٌ آخرٌ هامٌ هو كونه رأس الكنيسة الأرثوذكسية القبرصية، وأنّ هذا المنصب ظل لقرونٍ يلعب دور قيادة الشعب المسيحيّ في الكنيسة ليس فقط روحياً ودينياً، وإنما مادياً أيضًا، وأنّ تولي مكاريوس رئاسة الدولة قد قوى من دوره كرأسٍ للكنيسة، وجعله بفضل دعم الناتو واليونان له "أقوى رجل دين في عصره"، وأنّ هذا جعل من مكاريوس وسابقيه في قيادة الكنيسة الأرثوذوكسية في موقف يختلط فيه الدين والتاريخ والسياسة، وأنّ هذا النوع من الخليط يشبه الخليط يومها في أيرلندا وفي الشرق الأوسط (بتاع لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين).
كاتب المقالة دوجلاس براون أضاف أن القيادة القبرصية دائماً ما شعرت بأنهم ورثة (بيزنطة)، وأنه قد قيل عن الأسقف مكاريوس الثالث أنه (ذروة أساقفة القسطنطينية) و(الإمبراطورية الشرقية).
أضاف براون أن الذين يتهمون مكاريوس بالمكر، بل في الحقيقة بالازدواجية يفشلون في فهم تاريخ وخلفية كنيسته، وأن الكنيسة الأرثوذوكسية في قبرص ليست فقط القَيّمة على الحضارة المسيحية الشرقية، بل إنها أيضاً (الحصن ضد الإسلام).
دوجلاس براون أضاف في مقالته أن حقيقة أن تركيا ورثت قوى الإسلام التي أسقطت القسطنطينية في القرن الخامس عشر، وأنها قد احتلت وقسمت قبرص -من وجهة نظره، بينما الحقيقة هي أن مكاريوس حاول من خلال انقلاب أن يضمها بأغلبيتها المسلمة إلي اليونان- لا بد وأنها ساهمت في زيادة توتر مكاريوس وحزنه الذي أدي إلي موته المبكر حسب قول الكاتب.
الكاتب دوجلاس براون أضاف أنه قد قابل الأسقف مكاريوس الثالث عدة مرات، وأنه عندما كان من خلال عمله كمراسلٍ يكتب تقارير عن الاضطرابات القبرصية عام 1956م كان مكاريوس حينها في المنفى في جزيرة سيشيل بسبب دعمه لمنظمة (إيوكا) الإرهابية، وحملتها من أجل وحدة قبرص مع اليونان.
الكاتب قال أنه في أحد مقابلاته قد سأل الأسقف مكاريوس الثالث مباشرةً وبصراحةٍ عن صحة ادعاء دعمه للإرهاب، وكيف أنه كرجل دينٍ يجمع بين دوره كقياديّ مسيحيّ وبين ممارسته للإرهاب، وقال أن إجابة الأسقف مكاريوس كانت هزَّ رأسه بافتخار، وقال بينما ترتسم علي وجهه نظرة ازدراء: "سأتذكر ذلك دائماً".
وأضاف الكاتب أنّ هذا الرد كان إعادة تجسيدٍ بيزنطيّ في خليطٍ قويٍّ جداً للحضور وللشخصية البيزنطية.
وروي الكاتب تفاصيل عمله التحاقه بالكنيسة الأرثوذوكسية القبرصية، وكيف أنه تم اختياره كباقي القساوسة القبارصة من مختلف الكنائس الموجودة على تلال الجزيرة، وإلحاقه في محيط وصفه بالجمال، كما وصفه بمهد للقومية القبرصية.
كما روى الكاتب تدين الأسقف مكاريوس واهتمامه بالصلوات لدرجة أنه يروي أنه كان يصلي لمدة ساعتين يومياً قبل أن يبدأ أعماله، وقال أن هذا قد انعكس على ممارسته لطقوسه الدينية.
كما تحدثت المقالة عن التفاف الأطفال حوله، أنه كان بمثابة أبٍ محبٍ لهم ولشعبه، وأن هذا كله يعكس شخصية مكاريوس لا كرئيسٍ فقط، وإنما كأسقفٍ وكأبٍ وكـ (راع للقطيع).
اقرؤوا المقالة مراراً وتكراراً ثم أجيبوا علي السؤال : "لماذا وضع السيسي إكليلًا من الزهور علي قبر الأسقف مكاريوس الثالث في قبرص!؟"