عنوان الفتوى : طاعة الأمّ في عدم الوفاء بالنذر وإخراج كفارة يمين
السؤال
عندي في البيت حيوانات -عجول، وأغنام، وغيرها-، ونذرت أن أذبح عجلًا بعينه إذا رزقني الله ولدًا، وعندما رزقني الله الولد أردت أن أذبح ذلك العجل، فوقفت أمّي أمامي، وقالت: لا تذبح العجل، بل بعه، وأعطِني المال، وإلا فسأكون غاضبة عليك، مع العلم أن أمّي قوية جدًّا في البيت، ولا أستطيع التكلم معها، فهل لي أن أكفّر كفارة يمين، بدلًا من الذبح؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الإقدام على النذر مكروه؛ لثبوت النهي عنه؛ كما تقدم في الفتوى: 56564. لكن إن نذر المسلم نذرًا معينًا، فيلزمه الوفاء بما عيّنه، إذا كان فيه طاعة، وتقرب إلى الله تعالى، ولا يجوز تغييره ما دام الوفاء به على الوجه المنذور ممكنًا؛ لما روته عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه. أخرجه البخاري، وأصحاب السنن، وأحمد، ومالك.
وعليه؛ فإنه يلزمك أن تذبح العجل الذي عيّنته في نذرك، ولا يكفي من ذلك إخراج كفارة يمين.
ولا يحق لوالدتك أن تطلب منك عدم الوفاء بنذرك، وتهددك بغضبها عليك من أجل أن تدفع لها ثمن العجل، لكن ينبغي أن تستطيب خاطرها، وتبين لها أن الوفاء بالنذر حق لله تعالى، وطاعة الله تعالى مقدّمة على طاعة المخلوقين:
فإن طاب خاطرها بالسماح لك بالوفاء بنذرك، فبها ونعمت، وإلا فلا تجوز لك طاعتها في ترك الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ. رواه البخاري، ومسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين.. وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر، فإن شق عليه، ولم يضره، وجب، وإلا فلا.. وتحرم في المعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ فحينئذ ليس للأبوين منع ولدهما من الحج الواجب، لكن يستطيب أنفسهما، فإن أذنا، وإلا حج. انتهى.
والله أعلم.