عنوان الفتوى : الاستدانة بالربا بسبب كثرة الديون وانعدام الوظيفة
السؤال
أخ موجود في تركيا ضاقت به الدنيا، ولا يستطيع إيجاد عمل منذ مدة، وعليه ديون، وليس عنده سكن، ويريد أن يسافر لكي يعمل، يعني سوف يتضرر بالبقاء على هذه الحال.
فهل يجوز أن يستدين بدين ربوي لهذه الضرورة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا، وتوعد متعاطيه بحرب منه، فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279،278}.
وعده النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات السبع حين قال: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ. رواه البخاري ومسلم.
وتحريم الربا أمر معلوم من الدين ضرورة، ولا يباح إلا لمن بلغ حد الضرورة، أو ما ينزل منزلتها.
وحد الضرورة المبيحة لتتناول الحرام هي وصول المكلف إلى حد إذا لم يتناول الحرام هلك أو قارب، أو وصوله إلى درجة من المشقة لا تحتمل إلا بضرر كبير ولا تندفع إلا بارتكاب الحرام.
والظاهر مما ذكرته أنه لا يبلغ الحد المبيح للربا، فليسع في طرق مباحة ليكسب منها حاجته، وليكثر من الدعاء فهو مفتاح عظيم لكل خير، ولا سيما ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يُقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أُمامة مالي أرَاك جالِسًا في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أُعلمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همَّك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال. قال: ففعلتُ ذلك؛ فأذهب الله تعالى همي، وقضى عني ديني. انتهى.
ولا بأس أن يبحث عن أحد أهل العلم حيث هو فيسأله مشافهة؛ ليسمع منه، ويستفصل عما ينبغي الاستفصال عنه.
والله أعلم.