عنوان الفتوى : مآلات مصطلح الفناء عند الصوفية
في القصيدة المرفقة أدناه هناك أسئلة:
1- ما هي الإشارات السوقية.
2- هل فيها إشارات.
3-وإذا تواجد فيها إشارات ما مواقع تواجدها.
4-التفهم.
قصيدة في رحاب الحلّاج..
رأيتُ رَبّي بعينِ قلبي
فقُلتُ: مَنْ أنتَ؟ قال: أنتَ
فليس للأينِ مِنْكَ أينٌ
وليسَ أينٌ بحيثُ أنتَ
أنت الذي حُزتَ كُلَّ أينٍ
بنحو ( لا أينَ ) فأينَ أنتَ
وليسَ للوهمِ مِنْكَ وَهمٌ
فيعلمُ الوَهمُ أينَ أنتَ
وجُزْتُ حدَّ الدُّنوِّ حَتّى
لم يَعْلَمِ الأينُ أينَ أنتَ
ففي بقائي ولا بقائي
وفي فنائي وَجَدْتَ أنتَ
في محو إسمي وَرَسمِ جسمي
سألتُ عَنّي فقلتُ: أنتَ
أشار سرّي إليكَ حتَى
فَنيتُ عَنّي فقلتُ: أنتَ
وغابَ عَنّي حفيظُ قَلبي
عَرَفتُ سرّي فأينَ أنتَ
أنت حياتي وسرُّ قلبي
فحيثما كنتُ كنتَ أنتَ
أحَطتُ علماً بكلِّ شيءٍ
فكلُّ شيءٍ أراهُ أنتَ
فَمُنَّ بالعَفوِ يا إلهي
فليسَ أرجو سَواكَ أنتَ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلسنا في حاجة إلى تفصيل الجواب بحسب ألفاظ السؤال، والذي يظهر عليه أنه من الأسئلة الدراسية والبحثية!
وحسبنا أن نشير إلى مصطلح الفناء عند الصوفية الذي أدى في النهاية إلى القول بعقيدة الحلول والاتحاد! والتي سبق أن بيناها في الفتويين: 11542، 40352.
والحلاج أحد أشهر القائلين بهذه العقيدة الباطلة الكافرة الفاجرة، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: ما تقول أئمة الإسلام في الحلاج؟ وفيمن قال: أنا أعتقد ما يعتقده الحلاج ماذا يجب عليه؟ ويقول: إنه قتل ظلما كما قتل بعض الأنبياء؟ ويقول: الحلاج من أولياء الله، فماذا يجب عليه بهذا الكلام، وهل قتل بسيف الشريعة؟
فأجاب: الحمد لله، من اعتقد ما يعتقده الحلاج من المقالات التي قتل الحلاج عليها فهو كافر مرتد باتفاق المسلمين؛ فإن المسلمين إنما قتلوه على الحلول والاتحاد ونحو ذلك من مقالات أهل الزندقة والإلحاد، كقوله: أنا الله. وقوله: إله في السماء وإله في الأرض ... والحلاج: كانت له مخاريق وأنواع من السحر، وله كتب منسوبة إليه في السحر. وبالجملة فلا خلاف بين الأمة أن من قال بحلول الله في البشر واتحاده به، وأن البشر يكون إلها، وهذا من الآلهة: فهو كافر مباح الدم، وعلى هذا قتل الحلاج. اهـ.
ومطلع القصيدة المذكورة للحلاج فيه إشارة إلى هذا الاعتقاد، حيث يقول: (فقُلتُ: مَنْ أنتَ؟ قال: أنتَ) !!! وهكذا في بقيتها فهي طافحة بهذا المعنى الفاسد، حيث يقول:
وجُزْتُ حدَّ الدُّنوِّ حَتّى لم يَعْلَمِ الأينُ أينَ أنتَ
ففي بقائي ولا بقائي وفي فنائي وَجَدْت أنتَ
في محو إسمي وَرَسمِ جسمي سألتُ عَنّي فقلتُ: أنتَ
أشار سرّي إليكَ حتَى فَنيتُ عَنّي فقلتُ: أنتَ.
وللوقوف على تفاصيل ذلك ينبغي الرجوع للمراجع الخاصة بهذا الموضوع، ومنها كتاب الشيخ العلامة إحسان إلهي ظهير (دراسات في التصوف) قد تناول مصطلحات الصوفية في الباب السادس منه، ومما قال فيه: فما يدل على اعتقاد الصوفية بحلول ذات الله تعالى في العبد اصطلاحهم " الفناء "، وهو من أهمّ المصطلحات التي يقوم عليها مذهبهم، وتتأسس عليها ديانتهم. والفناء عند المتصوفة: فناء ذات العبد في ذات الرب، فتزول الصفات البشرية في هذا المقام، وتبقى الصفات الإلهية، وتفنى جهة العبد البشرية في الجهة الربانية، فيكون العبد والرب شيئاً واحداً - والعياذ بالله – ... ومقام الفناء - على حد تعبيرهم - هو الذي ادعى فيه كثير من مشايخ الصوفية الحلول والاتحاد حسب روايات المتصوفة – وذكر طرفا منها ثم قال: -وأما أمر الحلاج وأقواله وأشعاره في هذا الخصوص فهي معروفة مشهورة، نذكر بعضاً منها ونُعرِض عن الباقي؛ لأننا نريد أن نفرد له ولأمثاله من ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والرومي وغيرهم كتاباً مستقلاً إن شاء الله. فمنها ...
رأيت ربي بعين قلبي ... فقلت: من أنت؟ قال: أنت
ففي بقائي ولا بقائي ... وفي فنائي وجدت أنت
أشار سري إليك حتى ... فنيت عني ودمت أنت. انتهى.
والله أعلم.