عنوان الفتوى : دراسة المرأة في جامعة تشترط عليها لبس بنطال إلى فوق الركبة وقميص

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

زوجتي كانت تدرس الطب البشري في سوريا، وقد تجاوزت الفصل الأول من السنة الرابعة، وبقيت لها قرابة سنتين لإنهاء دراسة الطب، لكنني اضطررت لإخراجها من سوريا؛ بسبب الخطر على حياتها، وخوفًا من الاعتقال، والسجن، وهي الآن متوقفة عن الدراسة منذ ثلاث سنوات، وزميلاتها قد تخرجن من الجامعة، ونقيم في السعودية، وحاولت بشتى الوسائل إدخال زوجتي في الجامعات السعودية للدراسة ولكن دون جدوى، ولم أجد سبيلًا أمامي في أي بلد عربي، رغم محاولاتي الشديدة لذلك، فلم أجد سبيلًا للدراسة إلا في تركيا؛ لوجود أقارب لي في البلد، وكونها تستطيع استكمال دراستها في المكان الذي توقفت فيه، دون إعادتها للسنوات الأولى، وقدرتي على إعالتها وإعالة نفسي؛ لإمكانية الحصول على منحة دراسية من الجامعة، لكن المشكلة أن الجامعات التركية تفرض لباسًا معينًا على الطلبة، فيجب عليها أن تلبس بنطالًا إلى فوق الركبة وقميصًا، فما الحل: هل أمنعها عن الدراسة، أم أدعها تكمل دراستها في تركيا، ولا إثم في ذلك؟ أفيدوني -أفادكم الله-.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فيشترط في لباس المرأة المسلمة، أن يكون ساترًا، ضافيًا، غير ضيق، بحيث لا يصف ملامح الجسم.

فإذا توفر الستر، وعدم التشبه المحرم، جاز لها أن تلبس ما تشاء، بغض النظر عن كيفية اللباس أو نوعه؛ إذ لا يشترط للمرأة نوع معين من اللباس، ولكن يشترط للباسها شروط معينة، فأي لباس توفرت فيه تلك الشروط، جاز لها لبسه، بغض النظر عن كيفيته، أو نوعه، مما يختلف باختلاف البيئات، والعادات.

وقد ذكرت في سؤلك أن الجامعة تلزم الطالبة أن تلبس البنطال والقميص، والمفتى به عندنا هو أنه لا بد أن يكون فوق البنطال ثوب فضفاض، ضافٍ يستره، فإن أمكن لزوجتك أن تفعل ذلك، فهذا الذي نرى أنه الواجب عليها، خاصة أنها ستكون في أماكن تختلط فيها بالرجال، ولا محالة.

فإن لم يمكنها ذلك، ولم تجد جامعة تقبلها، فالظاهر أن لها أن تأخذ بما توصل إليه مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في هذه المسألة، حيث جاء في قرارهم ما يلي: لا يجوز لُبس البنطال مع قميص قصير، فإن البنطالَ يحَدِّد حجم العظام، وتقاسيم العورة المغلظة، ولكن للمرأة لُبس السراويل (البنطال)، إذا كان فوقها ثيابٌ تستر بدنها إلى الركبتين، أو تحتهما، كاللباس الشائع في السند، والهند، متى وافق الضوابط المذكورة آنفًا. وبالأحرى فإنَّ للمرأة لُبسَ ثوب إلى الركبتين، وتحته إزار (تنورة)، وقلَّ أن تُتحقَّق مواصفات الحجاب الشرعي في لبس البنطال في صورته الشائعة؛ فينبغي الانتباه إلى تحقق الشروط الشرعية في لبسه. اهـ.

ثم نبه المجمع إلى الضوابط الشرعية للباس المرأة المسلمة، فقال: ضوابط اللباس الشرعي:

الحجاب في الإسلام ليس ثوبًا ترتديه المرأةُ المسلمة فقط، بل طريقةُ حياة، ومنهج كامل للتعامل مع جنس الرجال، فالمسلمةُ تبتعد عن مواطن الشبهات والريبة، فهي لا تخضع بالقول، فيطمَعَ الذي في قلبِه مرض، ولا تتمايل في مشيتها، فتميل قلوب الرجال، وهي حريصة على عدم الاختلاط بهم إلا لحاجة.

تطبيقات الحجاب الشرعي، تتغير بتغير الأعراف، والثقافات:

• شكل اللباس وطريقته متروكٌ للمرأة، متى التزمت بالضوابط الشرعية، من كونه ساترًا للعورة بما لا يشِفُّ، ولا يصف، وليس ثيابَ شهرة، وليس فيه تشبُّه بالرجال، أو بثياب الفاسقات، أو غير المسلمات.

• ليست هناك صورةٌ معينة ملزِمة للحجاب الشرعي، فأيُّ ثياب تحققت فيها هذه المواصفات، كانت ثيابًا شرعية.

• لا حرج أن يكون حجاب المرأة المسلمة حسنَ الهيئة مُتَّسقًا، ومتشاكلَ الألوان، إذا كان ساترًا فضفاضًا، ومستوفيًا لشروط الحجاب الشرعي.

• لا يُوجد لونٌ محدد للباس المرأة في الشريعة، بل لها أن تلبس ما شاءت من الألوان التي تُناسب عرفَ البلد الذي تكون فيه، على أن تتَّخذ من الثياب والألوان ما يتناسب مع مقصود الحجاب، من قطعِ تعلُّق أطماع الرجال وأنظارهم، فلا تكون لافتةً للنظر، ولا باعثةً على الريبة.

• ليس للخمار شكلٌ ثابت، ولكنه في اللغة ما غطَّى الرأس، وأمَر الشارعُ بأن يَستُر أيضًا فتحةَ الجَيْبِ؛ لتغطية العُنق، والصدر.

والأولى بمن تركت التجَلبُب واستترت بغيرِه، أن تجعل الخمارَ سابغًا. اهـ.

 فإذا أمكن لزوجتك مراعاة تلك الضوابط الشرعية في لباسها، ومنها: أن يكون البنطال فضفاضًا بقدر ما يمكن، فلا حرج عليها -إن شاء الله-، ولا سيما مع ما ذكرت من حاجتها إلى إكمال دراستها، ولا تكاد تجد وسيلة أخرى غير ذلك.

والله أعلم