عنوان الفتوى : سب دين الإسلام.. الحكم.. والواجب
كنت في السابق أغضب، وعند سب شخص تدخل كلمة الدين، وأنا لا أقصد الدين. والآن تبت -والحمد لله- وعزمت على عدم تكراره، فاستغفرت، وتشهدت، واغتسلت للجنابة، لكن استغفرت قبل التشهد. فهل يجب الاستغفار بعد التشهد ليصح الغسل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تسب دين الاسلام في حال حضور عقلك وعلمك بما تقول، فهذا ردة وكفر، والعياذ بالله، وأما إن كنت تقول ذلك في حال الغضب المخرج عن طور العقلاء، فلا تكفر بذلك.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قال أهل العلم: من سب الله أو رسوله أو كتابه أو دينه فهو كافر جاداً أو لاعباً، واستدلوا بقول الله تعالى عن المنافقين الذين كانوا يسبون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65-66] وجاء رجل منهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إنما كنا نتحدث حديث الركب، لنقطع به عنا الطريق، فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد على أن يقول له: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65-66] . أما إذا قالها عند غضب شديد بحيث لا يملك نفسه ولا يدري ما يقول فإنه لا يكفر بذلك؛ لأنه غير مريد للقول. انتهى
وحيث كان فعلك ردة بأن كنت تقصد سب دين الإسلام، وأنت تعقل، فإن توبتك تحصل بالندم على ما اقترفته، والإقلاع عنه فورا، والعزم على عدم معاودته، ويجب عليك التلفظ بالشهادتين للدخول في الإسلام، وفي وجوب الغسل عليك خلاف، والمفتى به عندنا أنه لا يجب إلا إن ارتكبت في حال الردة ما يوجبه؛ كما هو مذهب الشافعية، واختيار بعض الحنابلة، والأحوط الاغتسال بكل حال خروجا من الخلاف. وما دمت قد اغتسلت فقد برئت ذمتك بيقين، والحمد لله.
وأما الاستغفار باللسان فهو فعل حسن جميل، ولكنه لا يجب لا قبل الاغتسال ولا بعده، ومع ذلك ينبغي أن تكثر من الاستغفار، وتلزم طاعة الله تعالى، وتكثر من الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات. رزقك الله التوبة النصوح.
والله أعلم.