عنوان الفتوى : طلقها في المحكمة في بلاد الغرب مقابل التنازل عن بعض الحقوق، فهل وقع الطلاق؟
أخت مسلمة فرنسية الأصل تسأل هل طلاقها الإداري الفرنسي يعد خلعًا في غياب قاضٍ مسلم؟ علمًا أنها طلبت الخلع من زوجها لأسباب شرعية، منها سوء العشرة الزوجية، وكرهها له نتيجة ذلك، فأبى، فسايسته على الطلاق الفرنسي، فوافق، فاتفقا على أن تترك له بعض المعدات المطبخية، فاعتزلت بيت الزوجية لأشهر إلى أن وقعا أخيرًا وثيقة الطلاق أمام ممثل المحكمة الفرنسية، فبالنسبة للزوج فهي لا زالت زوجته شرعًا، وقد أفصح عن نيته تركها رهينة دون زواج مدى الحياة، فما العمل إذن؟ علمًا أنه يرفض البتة أية وساطة من أية جهة كانت لفسخ العقد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق الذي توقعه المحاكم الوضعية، لا يقع، كما أفتى بذلك مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، ونقلنا كلامهم في الفتوى رقم: 182851.
ولا يقع الطلاق بمجرد توقيع الزوج على وثيقته، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 321892.
وإن كان قد تم الاتفاق على الطلاق في مقابل ما أشير إليه من العوض، وهو معدات المطبخ، فهذا هو الخلع، ولا تتوقف صحته على أمر توثيقه في المحكمة، وتراجع الفتوى رقم: 13702.
والمراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي، وقد قرر ذلك المجمع الذي سبقت الإشارة إليه، ونص قراره: فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة ... فيمكن لهذه الأخت أن ترفع أمرها إلى أحد المراكز الإسلامية في ذلك البلد؛ لينظروا فيما إن كان الخلع قد حصل حقيقة أم لا.
وإن لم يحصل الخلع، ولا تزال هذه المرأة في عصمة زوجها، فليسعوا في رفع الضرر عنها بالإصلاح بينها وبين زوجها، أو تطليقها منه، ولا بأس بالاستعانة بتلك المحاكم الوضعية في التنفيذ.
وعلى تقدير أنها لا تزال في عصمة زوجها، فلا يحل له الإضرار بها، وتركها معلقة، لا بأيم ولا بذات زوج، فإن هذا ظلم، وإثم مبين، وقد تكون عاقبته وخيمة عليه، إن لم يتدارك نفسه، ويتوب لربه تبارك وتعالى.
والواجب أن ينصح في ذلك برفق، ولين، ويذكر بالله عز وجل، ويخوف، عسى أن يتعظ، ويعود لرشده وصوابه.
والله أعلم.