عنوان الفتوى : مسائل في الخلع والحضانة
سافرت زوجة مع زوجها، وأولادها الثلاثة للخارج، خلال قيامه ببعثة الدكتوراه، ومدتها ثلاث سنوات. حدثت بينهما مشاكل، وأصرت الزوجة على الرجوع لمصر، وتركت اثنين من أولادها مع أبيهما، أعمارهما: 11, 9 برغبة منهما. قام الزوج بطلب إجازة لمدة شهرين، وبالاتفاق مع والدة الزوجة لتقنعها وتهدئتها للحفاظ على مستقبل الأولاد والبيت. قام الزوج بمتابعة كل ما يخص أولاده بالتوازي مع دراسته، لمدة تجاوزت سنتين، بعد رفض الزوجة العودة، وطلب الطلاق. فوجئ الزوج بعد سنتين، برسالة من الزوجة بأنها خلعته منذ ثمانية أشهر، مع العلم أنه لم يتم إبلاغه، أو عقد جلسات صلح طبقا للقانون والشريعة الإسلامية. وقد تم الرجوع لأوراق القضية، التي تحتوي على شهادة من جهة عمل الزوج بعدم إبلاغه، واحتوت أيضا على أوراق بفشل جلستين للصلح، لم تتما بالأساس. أيضا قامت الزوجة برفع قضية نفقة للأولاد الثلاثة، وصدر حكم، وتم سحب المبلغ من رصيد الزوج دون إبلاغه، مع العلم أن معها الطفل الأصغر فقط [4 سنوات]. فوجئ الزوج بالصدفة، بزواج زوجته من آخر، وتم التأكد. وبمواجهتها اعترفت بذلك، وتم الحصول على نسخة من قسيمة زواجها الجديد وقالت إنها تعتد بالقانون الذي تحايلت عليه، وليس بالفتوى. أيضا قامت بإبلاغ أبي الزوج بأنها ترى مصلحة أولادها مع أبيهم، وهي تريد أن تستمتع بحياتها. طالب الزوج بابنه الثالث؛ ليذهب إليه في كندا لمدة ثلاثة أشهر المتبقية؛ ليتأقلم مع إخوته من جديد، وينال المستوى المناسب من التعليم، قبل عودتهم، ودخول جميع الأولاد لنفس المستوى التعليمي. قابلت الزوجة ذلك بالرفض، وأصرت على عدم إعطاء الطفل إلا بعد العودة إلى مصر وإنهاء الإجراءات عن طريق المحامي. مع العلم أن والدتها تجاوزت السبعين عاما، ولا تستطيع حضانة الأولاد، ومع العلم أن أبا الأولاد رفض فكرة التزوج بأخرى، ووهب حياته لأولاده. فما حكم الدين في مشروعية حكم الخلع الذي حصلت عليه الزوجة؟ وما الحكم في زواجها الثاني؟ وما الحكم في تزوير بيانات قضية النفقة وأخذ أموال بدون وجه حق؟ وما هو الحكم في المساومة على تسليم الطفل الثالث للأب، والتنازل عن حقوق الزوج في رفع دعاوى قضائية ببطلان ما حدث؟ ننتظر فتواكم فيما ورد. وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسائل التي رفعت إلى القضاء، لا يسوغ لنا الكلام فيها، والذي يفصل فيها هو القاضي، وليس بوسعنا أن نحكم على صحة الخلع في واقعة معينة، حكم فيها القاضي، لكن الذي بوسعنا أن نفيدك به على سبيل الإجمال، من حيث الأحكام الشرعية المتعلقة بالواقعة ما يلي:
- إذا لم تشترط الزوجة على زوجها في العقد ألا يخرجها من بلدها، فالواجب عليها طاعته في الانتقال إلى البلد الذي يريد الانتقال إليه والإقامة معه، ما لم يكن عليها ضرر.
جاء في تهذيب المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد، وإن كرهت. اهـ.
وقال الحطّاب في مواهب الجليل: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها. قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق، والموضع المنتقل إليه. اهـ.
-الأصل في الخلع ألا يصحّ بغير رضا الزوج، لكن في حال تضرر الزوجة من البقاء مع زوجها، وامتناع الزوج من مخالعتها فالراجح عندنا أنه يجوز حينئذ للقاضي أن يحكم بالخلع، ولو لم يرض الزوج، كما سبق بيان ذلك في الفتويين ذواتي الرقمين: 105875، 126259
-لا ريب في تحريم الغش والتزوير والكذب، ولا سيما إذا قصد به التوصل إلى حكم بغير حق.
-وإذا حكم القاضي بخلع أو طلاق بغير حق، كالحكم بناء على شهادة زور ونحو ذلك، فحكم القاضي لا ينفذ في الباطن، ولا يحل للمرأة في هذه الحال أن تتزوج. وإذا تزوجت فزواجها باطل، ولا يحل لها المال الذي حكم به بغير حق. وراجع الفتوى ذات الرقم: 108779
- إذا تزوجت الحاضنة بأجنبي من المحضون، فلا حق لها في الحضانة، والجمهور على أن الحضانة تنتقل بعد الأمّ لأمّ الأمّ، فإن لم تكن أمّ الأمّ أهلاً للحضانة، فالحضانة لأمّ الأب عند بعض العلماء، وللخالة عند بعضهم، وللأب عند بعضهم، وفي قول عند الحنابلة يقدم الأب على من سوى الأمّ، وراجع الفتوى رقم: 6256
- إذا افترق الزوجان وصار كل منهما في بلد غير بلد الآخر، فأكثر العلماء على أنّ الأب أولى بالحضانة في هذه الحال، وانظر الفتوى رقم: 118375
- إذا حصل نزاع بين الأبوين بخصوص الحضانة، فالذي يفصل فيه هو القاضي الشرعي.
والله أعلم.