عنوان الفتوى : لا حرج في تطييب المتوفاة
بسم الله الرحمن الرحيم ما هو حكم تعطير المرأة المتوفاة قبل تكفينها؟ حيث علمنا إنه حرام لأنها تحمل من قبل الرجال على النعش فهل حكم تعطيرها مثل حكم تعطير المرأة التي على قيد الحياة. وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيندب عند الشروع في غسل الميت -ذكراً كان أو أنثى- إيقاد المحجرة بالبخور وتطييبه بالكافور ونحوه في الثوب والبدن، إلا المحرم بحج أو عمرة لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً كما في صحيح البخاري، وكذا المعتدة عن وفاة عند جماعة من أهل العلم من الشافعية والحنابلة، قالوا: لأنها ماتت والطيب يحرم عليها فلم يسقط تحريمه بالموت كالمحرم، والصحيح جواز تطييبها لأنه حرم عليها في العدة حتى لا يدعو ذلك إلى نكاحها وقد زال هذا المعنى بالموت، وهذا هو المعتمد عند الشافعية كما في المجموع وعند الحنابلة كما في الإنصاف. وهل يندب تبخير الميت وتطييبه قبل الغسل أم لا؟ والجواب: نعم يندب ذلك لأن من المقاصد لتطييب الميت عند الغسل ستر الرائحة التي تنبعث منه، وذلك متوقع وحاصل من البعض قبل ذلك، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: ويستحب أن يكون عنده مجمرة فيها بخور تتوقد من حيث يشرع في الغسل إلى آخره. قال صاحب البيان: قال بعض أصحابنا -الشافعية- ويستحب أن يبخر عند الميت من حين يموت لأنه ربما ظهر منه شيء فيغلبه رائحة البخور. وهذا شامل للذكر والأنثى، وقد ثبت جواز تطييب المرأة المتوفاة في الصحيحين عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فاذا فرغتن فآذنني. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قيل: الحكمة في الكافور - مع كونه يطيب رائحة الموضع لأجل من يحضر من الملائكة وغيرهم - أن فيه تجفيفاً وتبريداً وقوة نفوذ، وخاصية في تصليب بدن الميت، وطرد الهوامّ عنه وردع ما يتحلل من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إليه، وهو أقوى الأراييح الطيبة في ذلك... وبهذا تبين أنه لا حرج في تطييب المتوفاة، ولو كان الرجال سيحملون جنازتهم لانتفاء الفتنة في ذلك بذلك بخلاف الحية. والله أعلم.