عنوان الفتوى : الذبح عند إخراج الجنازة وحشة للميت
عند خروج الجنازة من البيت تذبح ذبيحة يقولون عنها: إنها وحشة للميت، فما الحكم الشرعي في ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالذبح عند إخراج الجنازة من البيت بزعم أنها وحشة للميت قد عده بعض أهل العلم من البدع، قال الشيخ الألباني في كتابه أحكام الجنائز - وهو يعدد البدع التي تُفعلُ عند إخراج الجنازة-: ذبح الخرفان عند خروج الجنازة تحت عتبة الباب. اهـ .
وقال ابن الحاج في المدخل: وَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُهُمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ مَعَ الْحَامِلِينَ فِي الْأَقْفَاصِ الْخِرْفَانَ، وَالْخُبْزَ، وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ بِعَشَاءِ الْقَبْرِ، فَإِذَا أَتَوْا إلَى الْقَبْرِ ذَبَحُوا مَا أَتَوْا بِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ، وَفَرَّقُوهُ مَعَ الْخُبْزِ، وَيَقَعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مُزَاحَمَةٌ وَضَرْبٌ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيُحْرَمُهُ الْمُسْتَحِقُّ فِي الْغَالِبِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ)، وَالْعَقْرُ هُوَ الذَّبْحُ عِنْدَ الْقَبْرِ -كَمَا تَقَدَّمَ-.
الثَّانِي: مَا فِيهِ مِنْ الرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ، وَالْمُبَاهَاةِ، وَالْفَخْرِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي أَفْعَالِ الْقُرْبِ الْإِسْرَارُ بِهَا دُونَ الْجَهْرِ، فَهُوَ أَسْلَمُ، وَالْمَشْيُ بِذَلِكَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ جَمْعٌ بَيْنَ إظْهَارِ الصَّدَقَةِ، وَالرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ، وَالْمُبَاهَاةِ، وَالْفَخْرِ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ فِي الْبَيْتِ سِرًّا لَكَانَ عَمَلًا صَالِحًا لَوْ سَلِمَ مِنْ الْبِدْعَةِ -أَعْنِي أَنْ يُتَّخَذَ ذَلِكَ سُنَّةً أَوْ عَادَةً-؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِهِمْ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ. اهـــ .
وعليه؛ فلا يجوز أن تذبح الذبيحة عند إخراج الجنازة، ولو كان ذلك الذبح خيرًا للميت، أو لأهله لجاء الشرع به، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرع ذلك، ولا فعله أحد من أصحابه، ولا استحبه أحد من أئمة الإسلام فيما نعلم.
والله تعالى أعلم.