عنوان الفتوى : آثار لا بأس بالدعاء بها
أود معرفة صحة أسانيد هذه الأحاديث، وهي من مصنف ابن أبي شيبة: 1.حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: من خاف من أمير ظلما، فقال: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه، وآله وسلم نبيا، وبالقرآن حكما وإماما؛ أنجاه الله منه. 2.حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن علقمة بن مرثد، قال: كان الرجل إذا كان من خاصة الشعبي أخبره بهذا الدعاء: اللهم إله جبريل وميكائيل وإسرافيل، وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق؛ عافني، ولا تسلطن أحدا من خلقك علي بشيء لا طاقة لي به، وذكر أن رجلا أتى أميرا فقالها؛ فأرسله. 3.حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن مسعر، عن أبي بكر بن حفص عن الحسن بن الحسن أن عبد الله بن جعفر زوج ابنته، فخلا بها فقال: إذا نزل بك الموت، أو أمر من أمور الدنيا فظيع، فاستقبليه بأن تقولي: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال الحسن بن الحسن: فبعث إلي الحجاج فقلتهن، فلما قمت بين يديه قال: والله لقد أرسلت إليك، وأنا أريد أن أضرب عنقك، ولقد صرت وما من أهل بيت أحد أكرم علي منك، سلني حاجتك. 4.حدثنا ابن فضيل عن حصين عن عامر قال: كنت جالسا مع زياد بن أبي سفيان، فأتي برجل يحمل، ما نشك في قتله، قال: فرأيته حرك شفتيه بشيء ما ندري ما هو، فخلى سبيله، فأقبل إليه بعض القوم فقال: لقد جيء بك وما نشك في قتلك، فرأيتك حركت شفتيك بشيء ما ندري ما هو، فخلى سبيلك، قال: قلت: اللهم رب إبراهيم ورب إسحاق، ورب يعقوب ورب جبريل وميكائيل وإسرافيل، ومنزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم، ادرأ عني شر زياد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكل ما ذكرته أخي السائل تعتبر آثارا موقوفة، وليست أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما الأثر الأول أثر أبي مجلز -وهو تابعي، واسمه لاحق بن حميد- " من خاف من أمير ظلما ... إلخ " فهذا أثر موقوف على أبي مجلز، وهو من التابعين، وقد صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، حيث قال: صحيح موقوف.
والأثر الثاني أثر علقمة بن مرثد، لم نجد من تكلم أو حكم على إسناده.
ويُغني عن هذين الأثرين ما رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني موقوفا عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قال: إِذَا كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ إِمَامٌ يَخَافُ تَغَطْرُسَهُ أَوْ ظُلْمَهُ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَأَحْزَابِهِ مِنْ خَلَائِقِكَ، أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ يَطْغَى، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. اهـ، وبوب عليه البخاري بابا فقال: بَابُ إِذَا خَافَ السُّلْطَانَ.
فهذا الدعاء موقوف عن صحابي، والأثران اللذان ذكرتَهما أخي السائل موقوفان عن تابعيين.
والأثر الثالث كذلك لم نجد من تكلم على إسناده، ولفظُهُ قريب من دعاء الكرب الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري ومسلم كلاهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
والرابع لم نجد كلاما لأهل العلم في الحكم على إسناده، وهذه الآثار التي ذكرتها هي -كما ذكرنا- ليست مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بأس بالدعاء بها؛ لأنها من جملة الدعاء، وإن كان الوارد المرفوع أولى منها بالدعاء به.
والله تعالى أعلم.