عنوان الفتوى : مجاهدة وكراهية الوساوس دليل صدق الإيمان
أنا فتاة في أواخر العشرينات، ترددت كثيرا قبل أن أكتب لكم، فأنا أعاني منذ ما يزيد عن عشر سنوات من وسواس قهري يقتلني في سب ذات الله جل جلاله، والرسول، وكل ما يتعلق بأمور العقيدة. كنت أعاني كثيرا في دعائي، وقراءة القرآن، فهناك هاجس داخلي أقاومه ويغلبني على التفكير فيما لا أقبل، ولا أريد، ولا أؤمن به. تردت حالتي كثيرا حتى إنني في بادئ الأمر كنت أبكي طوال الوقت، وأشعر بأن إيماني والتزامي السابق تلاشى، مع أني كنت لا أبلغ من العمر ١٦ عاما، نحل جسمي، وتساءل من حولي ماذا دهاني؟ ولكني لم أفصح لأحد حتى استسلمت للحال، وتعايشت معه. مع العلم أنني كنت قريبة من الله جدا، وفي سن صغيرة تعلق قلبي به، حتى إن قلبي كان يوقظني للصلاة لا المنبه، كنت ملتزمة بتعاليم ديني، في بيئة محافظة ذات تربية سليمة، وشخصيتي فيها نوع من الحرص الشديد والدقة، فبدأ معي وسواس الصلاة والوضوء لعامين تقريبا. وبعد أن تخلصت منه لفترة، بدأت أفكار تافهة تتعلق بسب الله تعالى، وكل ما يخص الدين، تخطر على بالي وأحاول طردها، وأؤنب نفسي لم فكرت بذلك. جاهدت نفسي كثيرا ولم أفلح بالتخلص من ذلك، فهو يأتيني حينا، وأصد عنه حينا آخر، ولكنني تهيبت كثيرا عندما قررت الحج خوفا من ذلك، وحججت لربي من كل قلبي، بكيت ودعوت وصليت، ورجوت من ربي شفائي، ولكن تسلطت علي أفكار السب هذه وأنا في مشعر عرفات أدعو في نهاية اليوم، حيث كنت أقول (أعوذ بوجهك الكريم) فبدأ الشيطان يوسوس لي بسب الوجه، وقاومته في نفسي كثيرا. ما أخشاه الآن ويدمرني، أن أكون دنست حجتي وهدمتها بهذه الأفكار التي أجبرت نفسي عليها، وتراودني نفسي حينا أن هذا مني ليس من الشيطان، فأنا من فكرت بذلك، ولو لم أكن لم أقدر الله حق قدره ما قلت ذلك؛ علما أنني بقيت مكتئبة أدعو ربي أن يجبر زلتي، ويقبل حجتي ويسامحني ويشفيني بعد ذلك الموقف طول الوقت. هل أنا مذنبة؟ هل حجتي صحيحة أم تأثرت؟ وهل علي شيء؟ أفتوني في ذلك جزاكم الله خيرا، وآمل أن يأتيني منكم ما يطمئن قلبي، ويثلج صدري عاجلا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلست مذنبة، ولا شيء عليك البتة، وحجتك صحيحة بلا شك، ولا تضرك هذه الوساوس، وتلك الأفكار التي عرضت لك، ما دمت كارهة لها، نافرة منها، بل كراهتك لها، ونفورك منها، دليل على صدق إيمانك.
فاستمري في مجاهدة هذه الوساوس، واسعي بكل ممكن في الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، وأنت مأجورة بإذن الله على سعيك في التخلص من هذه الوساوس، وانظري الفتوى رقم: 147101.
واعلمي أنه ليس لهذه الوساوس من علاج سوى ما ذكرناه من تجاهلها، والإعراض عنها، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
والله أعلم.