عنوان الفتوى : بر الأب ومصاحبته بالمعروف من آكد الواجبات
السلام عليكم و رحمة الله توفيت والدتي رحمها الله ووالدي في الـ 73 من عمره وأردنا نحن أبناؤه أن يتزوج وهذا حقه الشرعي، إلا أنه أراد أن يتزوج من امرأة صغيرة في السن، وهنا رأينا أنه لا يوجد توافق بينه وبينها من جميع النواحي، فأردنا أن تكون سنها 45 سنة فما فوق إلا أنه غضب وطرد أبناءه السبعة وبنتاه، وتزوج من امرأة في الـ 35 من عمرها، وهو الآن يقول لن أسمح لهم، تزوجها دون علم أبنائه > وسؤالي: هل لأولاده الحق في أن يهجروا أباهم نظرا لما فعله معهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليس للأولاد الحق في أن يهجروا أباهم لما فعله معهم ولا لغيره، بل الواجب أن يتقربوا إليه، ويترضوه ويعتذروا له عمَّا أغضبه عليهم. فإن بر الأب ومصاحبته بالمعروف من آكد الواجبات، كيفما كانت قسوته في معاملته لأبنائه. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً[لقمان: 14، 15]. وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً[الإسراء:23، 24]. وأخرج الإمام مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. فعلى هؤلاء الأبناء والبنات أن يبادروا إلى ربط الصلة بأبيهم والخضوع له خضوعًا مطلقًا، عسى أن يكون ذلك سببًا في أن يسمح لهم ويرضى عنهم، فينالوا بذلك رضا الله وجنته. والله أعلم.