عنوان الفتوى : صلهم وإن قطعوك
السلام عليكم .. أعاني من مقاطعة أهلي لي وكراهيتهم لزوجتي بالرغم من أنه لم يصدر منا أي أذى لأحد مهم فأنا وزوجتي نعيش خارج البلاد ولا نرى أحداً من أهلي إلا مرة في السنة ودائما أعمل بالحديث الشريف "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل أن تصل من قطعك" وكلما فعلت ذلك معهم ظنوا أن ذلك ضعفاً مني وأنهم على حق في مقاطعتهم لي وأصبحت لا أدري ماذا أفعل إنني فعلاً أريد أن نكون جميعاً أسرة واحدة متحابة ولكن جميع إخوتي متنافرون لدرجة أنهم يرفضون أن يأتوا للسلام علي عند قدومي من السفر في إجازة أرجو أن ترشدوني إلى أسلوب للتعامل معهم علما بأنني لا أستطيع أن أنصح أحداً منهم بضرورة الحفاظ على صلة الرحم وتذكيرهم بما أوصى به الدين لأن كل واحد منهم يظن نفسه أعلم الناس بالدين ولا يقبل نصيحة من أحد. والسلام عليكم ورحمة الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا كنت تقصد بأهلك والديك، فإن صلتهم واجبة على كل حال، فإن الله تعالى يقول: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْروفًا[الإسراء:]. وهذا في الأبوين الكافرين الذين يأمران ولدهما بالكفر ويجاهدان في سبيل ذلك، فكيف بالأبوين المسلمين، لا شك أن الواجب هو البر بهما والإحسان إليهما، وإن بدا منهما جفوة وغلظة، فالزم برَّهما وطاعتهما، فإن الجنة تحت أقدامهما. وأما إن كنت قصدت بأهلك إخوانك ونحوهم فصلتهم أيضًا واجبة، ولكنها أقل درجة من درجة الأبوين، فعليك أن تصلهم وتحسن إليهم، وإن أساؤوا إليك، لحديث الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه معاملة أقاربه، فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم. واعلم أن صلة الرحم درجات بعضها أفضل من بعض، قال القاضي عياض : أدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. اهـ وعليه، فإذا لم يكن الوصول إلى الغاية في صلة الرحم، فلا أقل من الصلة بالسلام والكلام. والله أعلم.