عنوان الفتوى : حكم جعل الضرائب المأخوذة بغير حق في مقابل ما استفاده الموظف من العمل بغير حق
لقد حدث عطل في شركة الاتصالات أدى لعدم انقطاع الإنترنت حتى بدون دفع المستحقات، ولقد استعملت الإنترنت ما يقارب سنة، ثم تبت، وذهبت إلى الشركة لكي أرجع لهم المال، فأخبروني أنه لا يوجد صيغة قانونية تمكنني من إرجاع المال، ثم سألت أحد المشايخ، فقال لي: اصرف ذلك المال في المرافق العامة. سؤالي هو: هل يمكن أن أنوي أن المال الذي تأخذه الدولة من الضرائب والذي يقدر بالملايين في السنة. هل يمكن أن أنوي أن يكون هذا المال تعويضا عن مال الإنترنت أم لا ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لم يكن يحل لك استباحة استعمال الإنترنت دون مقابل، والواجب عليك التوبة إلى الله جل وعلا من ذلك، ورد عوض استعمالك الانترنت إلى شركة الاتصالات .
وأما قولك: ( وذهبت إلى الشركة لكي أرجع لهم المال فأخبروني أنه لا يوجد صيغة قانونية تمكنني من إرجاع المال) فالمظنون أن للشركة قوانين ولوائح يرجع إليها في مثل هذه الحالة، وقد يكون من قابلته من موظفي الشركة لا علم له بذلك، أو ليس من اختصاصه البت في مثل هذا الموضوع، أو غير ذلك من الاحتمالات، وعلى كل حال: فعليك أن تبذل جهدا لإرجاع قيمة الانترنت الذي انتفعت به إلى الشركة، ولو بالوصول إلى أعلى المسؤولين في الشركة ، لتبرئ ذمتك من الحق بإيصاله إليهم، أو بكون المسؤولين في الشركة يعفون ويسامحونك عن الحق.
وأما الصدقة بالحقوق عن أصحابها فمحلها هو عند العجز عن الوصول إليهم - كما بينا في الفتوى رقم: 93487- وأما مع إمكان الوصول إلى أرباب الحقوق فلا تجزئ الصدقة بها عنهم، بل لا بد من إيصالها إليهم. فالصدقة بقيمة استعمال الانترنت لا تبرئ ذمتك.
وأما عن ترك تعويض شركة الاتصالات عن استعمال الإنترنت دون مقابل عوضا عن الضرائب التي أخذتها الحكومة منك: فلا يجوز، فشركة الاتصالات قد لا تكون شركة حكومية خالصة، فيحتمل أن فيها شركاء آخرين.
ولو كانت الشركة حكومية خالصة فإن المال العام لا يجوز العدوان عليه عوضا عن الضرائب أصلا ، لأن الضرائب إن كانت ظالمة جائرة فهي لن تذهب إلى المال العام أصلا ! بل سيأخذها الظالم، فكيف يقال بجواز الأخذ من المال العام مقابل الضرائب .؟! مع أن الضرائب ليست كلها ممنوعة شرعا، فالضرائب ونحوها من الكلف السلطانية منها المشروع الذي لا يعد ظلما، ومنها الممنوع شرعا، الذي يعد ظلما في ميزان الشرع، فانظر بيان ذلك في الفتوى رقم: 145961. وإحالاتها
والله أعلم.