عنوان الفتوى :
أرجو من حضرتكم أن تفيدوني بالأجوبة على بعض الأسئلة التي سترد لاحقا، ولكم جزيل الشكر. أنا متزوجة منذ حوالي سنة ونصف، تزوجت بالإكراه، زوَّجني أخي دون علمي لصديقه، وهو ميسور الحال، ومتعلم، ومثقف، يصلي ويصوم، لكنه غير ملتزم، ومع ذلك فهو كريم النفس، ومحترم، لكنني رفضته، ورفضت طريقة أخي، كما أنني يتيمة الأبوين، وأخي من علمني ورباني، لكنه كان قاسيا جدا معي، لدرجة أنني حاولت الانتحار مرارا، وعندما زوجني كررت المحاولات، لكنها كلها باءت بالفشل. وعندما انتقلت إلى منزل زوجي، بقيت على عنادي، وكرهي ورفضي لزوجي، وزوجي لم يقترب مني، كان يريد موافقتي قبل أن يتم الزواج والدخول، ولكنه لم يسمعها مني، وبقيت في منزله مدة سنة وأنا بكر، وكنت خلال السنة شرسة جدا معه، وأسمعه كلاما غير محمود؛ لأني كنت أريد الطلاق، وهو كان يرفض أن يطلقني؛ لأنه كان يحبني، وكان يحبني من قبل أن يتزوجني بسنوات؛ لأنه كما ذكرت كان صديقا لأخي، وكانا يخططان معا ليتم الزواج. وفي يوم رفعت السكين ووضعته على بطني، وأقسمت إن لم يطلقني فسأذبح نفسي، وحاول جاهدا أخذ السكين من يدي، وأقسم بأنه سيطلقني، بشرط أن أعطيه فرصة ليثبت لي من خلالها أنه يحبني، ويريدني زوجة وشريكة لحياته، ولبناء مستقبلنا، فوافقت كي يطلقني، لم تكن نيتي أن أرجع إليه، وبالفعل تم الطلاق، وعدت لمنزل أخي الظالم، ولظلم زوجته، وأصبحت معاملة أخي وزوجته أسوأ مما كانت عليه قبل تزويجي، وكانت أساليب ضغط كي أرجع لزوجي، وبالفعل تواصلت معه، وطلبت منه العودة، وتم الزواج، ولكني رفضت أن يقترب مني، وقد التزم بهذا، ولم يقترب مني مدة شهور، إلى أن قال لي: لقد طفح الكيل منك، ومن تصرفاتك، وكان دائما يذكرني بأن تصرفاتي شرسة معه، وهو يصبر على سوء معاملتي أولا: لأنه يريد موافقتي الكاملة، وثانيا: لأنه يحبني، وقال لي إن الزواج سيتم سواء وافقت على ذلك، أم لم أوافق، فهو زوجي، وله حقوق علي، وواجبي الطاعة، وكان شبه تهديد، وبالفعل تم الزواج، ولكني دائما أرفض منه أي شيء، وأشعر دائما بأن كل الذي حصل كان تحت الضغط والإكراه، وهو دائما يحدثني عن الدين والآخرة، ويقول لي إن ما أفعله معصية لله، خصوصا في مسألة الانتحار، ولدي عمة بمثابة الأم، وهي حنونة جدا معي، وتقف إلى جانبي دائما، وهي لا تحبه، والمشاكل بينها وبين زوجي لا تعد، وكان يعتبرها المحرض الرئيسي لتصرفاتي معه، إلى أن منعني عنها، ومنعها من المجيء لزيارتي. أسئلتي لحضرتكم: ما الحكم الشرعي في حالتي، وهل عصيت ربي، علما أن عمتي جاءت لمنزلي وأخذتني، وطلقتني؛ لأنه كان يضربني، والقاضي حكم بالطلاق، لكنه أرجعني، وطعن في قرار الحاكم على أساس أنه لا يحق له تطليقي غيابيا، ومن دون أن يسمع رأي الزوج، وواجب القاضي أن يعرف تفاصيل الأمور قبل أن يبت في الطلاق. وأرجعني، لكنه كتب تعهدا، وأقسم يمينا على نفسه بأن لا يضربني ثانية، لكنه كان يقول إن ضربه لي سببه شراستي، وسوء معاملتي له، وكان يصل لمرحلة يفقد أعصابه. ما هو الحكم الشرعي في كل الأمور؟ أرجو إفادتي بكل شيء، ولكم جزيل الشكر. وهل يعتبر رجوعي بعد طلقتين، علما أنني في الطلقتين تنازلت عن حقوقي كاملة، وما هي حقوقي وما هي واجباتي؟ وهل أنا على خطأ أم لا؟ أرجوكم أفيدوني. وهل يمكنني أن أذهب لرؤية عمتي، أم له الحق في منعي من ذلك؟ أرجوكم ساعدوني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام الأمر قد رفع إلى القضاء، فلا كلام لنا فيما يفصل فيه القضاء من مسائل الطلاق، والحقوق المادية المترتبة عليه.
أمّا بخصوص زيارة عمتك، ومنع زوجك من ذلك، فما دام زوجك يرى أنّها تفسدك عليه، فمن حقه منعك من زيارتها، ومنعها من زيارتك، وانظري الفتوى رقم: 70592
ولا ريب في كون الانتحار من أكبر الكبائر، ومن أعظم الذنوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397
واعلمي أنّ المرأة مأمورة بطاعة زوجها، ومعاشرته بالمعروف، ومن أعظم ما تجب عليها طاعته فيه، حق الاستمتاع، ما لم يكن لها عذر، وإذا امتنعت من أداء هذا الحق دون عذر، كانت ناشزا، وعاصية لربها، وتعرضت للوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
وننبه إلى أنّه لا يجوز إجبار المرأة على الزواج، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 31582
والله أعلم.