{واعتصموا بحبل الله جميعا}
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
عباد الله:
يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 100، 101].
لقد حذرنا ربنا من طاعة اليهود والنصارى الذين يعملون على ارتدادنا من ديننا إلى الكفر، وعلى السعي بيننا بالتفرقة والخلاف، وأن ذلك لا يليق بقوم مؤمنين ينزل عليهم وحي الله، وتُتلى عليهم آياته، وبين أظهرهم رسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
الأمر بتقوى الله التقوى التي تليق بجنابه، ومنها ألَّا نركن إلى الكافرين وألَّا نتولاهم؛ فإنه: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، وإن سوء الخاتمة بالمرصاد لمن أطاعهم واتبع سبيلهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 26 - 28].
فطاعة الكفار في بعض الأمر قد تكون رِدَّة الدين، فكيف إذا كان في كل الأمر أو في الأمور العظيمة؛ مثل: ترك الجهاد ، والتحاكم إلى غير شرع الله، وإلغاء التعليم الشرعي، وموالاة الكافرين ضد المسلمين؟ ولهذا جاء التحذير من هذا كله، والأمر بالبعد عنه؛ حتى لا يُختَم للمسلم بسوء العاقبة؛ إذ الواجب أن يموت مسلمًا على خاتمة حسنة ليدخل الجنة .
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]، إن من أعظم ما يعمل له أهل الكتاب هو التفريق بين المسلمين؛ لذلك فإن الله يحذرنا منه في هذه الآية ويأمر بعكسه؛ وهو الاعتصام بحبله وعدم التفرق، ثم يذكِّرنا بما كان عليه العرب قبل الإسلام من الحروب والشتات وما يُفضي إلى النار .
وهذه في الحقيقية وظيفة ولاة الأمر وحكام المسلمين قبل كل شيء وقبل كل أحد؛ يقول الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [ الحج : 40، 41].
_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم