عنوان الفتوى : الموازنة بين إثم الربا والرشوة
أيهما أشد إثما: الربا، أم الرشوة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكلاهما محرم، وكبيرة من كبائر المحرمات، الداخلة في قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}، إلا أن الربا أشد إثما من الرشوة، فقد توعد الله سبحانه وتعالى صاحب الربا بالحرب في كتابه الكريم، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278-279}.
وهذه الصيغة من الوعيد الشديد لم ترد في حق مرتكب الرشوة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. ومع ذلك فقد ورد اللعن في حق مرتكب الرشوة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفى به زاجرًا عن هذه الكبيرة، فقد روى عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قوله: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وعلى المسلم أن يجتنب الكبائر كلها، ويحذر من ارتكابها أشد الحذر، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا {النساء:31}، بل ويجتنب الصغائر، وينظر للفائدة الفتاوى: 94153، 17929، 329284.
والله أعلم.