عنوان الفتوى : مسائل في دعاء الاستفتاح
ما هو دعاء استفتاح صلاة قيام الليل بعد التكبير؟ ودعاء استفتاح صلاة التهجد بعد التكبير؟ وهل يقرأ في كل ركعتين أم في الركعتين الأوليين فقط؟ وإذا كان الدعاءان واحدا هل يقرءان كدعاء استفتاح واحد؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع دعاء الاستفتاح في صلاة الليل -ومنه التهجد- ، سواء كان الاستفتاح بالاستفتاحات الواردة في المكتوبة ، أو الاستفتاحات التي وردت في صلاة قيام الليل . جاء في كشاف القناع : (وإذا توضأ وقام إلى الصلاة من جوف الليل، إن شاء استفتح باستفتاح المكتوبة -يعني: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك-) (وإن شاء) استفتح (بغيره كقوله: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت) أي رفعت الحكم إليك فلا حكم إلا لك (فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله) .
لخبر ابن عباس قال " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام يتهجد من الليل قال اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت - إلى آخر ما تقدم " متفق عليه (وإن شاء إذا افتتح الصلاة قال اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) رواه مسلم «عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل افتتح به صلاته فقال» - فذكره .اهـ. وانظر للمزيد من أنواع الاستفتاح الواردة الفتوى رقم: 104156.
ولم نقف على من فرق -من جهة دعاء الاستفتاح- بين مطلق صلاة الليل وبين صلاة التهجد بخصوصها ، إلا ما ذكره ابن عثيمين بقوله: استفتاح صلاة التراويح ليس كاستفتاح صلاة التهجد الذي يكون بعد النوم، بل هو استفتاح كسائر الصلوات، يقول الإنسان: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبر، أو يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك .اهـ. من جلسات رمضانية.
ولم يبين الشيخ حجته في التفريق بين صلاة التراويح وصلاة التهجد، وجعله استفتاح صلاة التراويح خاصة كاستفتاح الصلوات المكتوبة .
وأما النوافل التي بأكثر من سلام واحد كصلاة التراويح ، فقد اختلف العلماء في استحباب تكرار الاستفتاح في كل تسليمة منها، جاء في مطالب أولي النهى: (و) في أول ركعتي (نفل) : كتراويح، وضحى، ووتر أراد فعلها كلها؛ فيستفتح في أول ركعة منها، و (لا) يستفتح في (كله) أي: النفل، طلبا لليسر، والسهولة، وعدم السآمة، وفيه نظر؛ لأن ما ورد عنه، - صلى الله عليه وسلم -، فعله في عبادة لا يقتصر فيه على نوع منها، بل يؤتى به في سائر أنواعها؛ لئلا يكون تاركا لبعض السنن في بعض الحالات دون بعض، وهذا لا نظير له .اهـ.
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين الاستفتاح في كل تسليمة حيث قال: لو كنت في نوافل متعددة كصلاة الليل فإنك إذا استفتحت في نافلة وأتيت بنافلة أخرى تستفتح فيها، وبهذا نعرف أن ما يفعله بعض الأئمة في صلاة التراويح حيث يستفتح في أول تسليمه ولا يستفتح في البقية أنه تقصير منه .اهـ. نور على الدرب.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: يستحب الاستفتاح في كل تسليمة من صلاة التراويح؛ لأن كل تسليمة صلاة مستقلة عن التي قبلها .اهـ.
ولمعرفة الفرق بين قيام الليل وبين صلاة التهجد انظر الفتوى رقم: 138716 .
وأما الجمع بين أكثر من دعاء استفتاح في صلاة واحدة -سواء صلاة الليل أو غيرها-: فهو محل نزاع بين العلماء ، فمنهم من استحبه، قال النووي : هذا ما ورد من الأذكار في دعاء التوجه، فيستحبّ الجمع بينها كلها لمن صلى منفرداً، وللإِمام إذا أذن له المأمومون .اهـ. من الأذكار.
ومن العلماء من يرى عدم مشروعية الجمع ، كما سبق في الفتوى رقم: 180683 .
والله أعلم.