عنوان الفتوى : الأصل فيما يقدمه المسلم من طعام الحل
أذهب أحيانًا إلى فنادق في أماكن فخمة أو سياحية في مصر، وأريد أن أعرف حكم تناول اللحوم التي يقدمونها لنا، حيث إنهم يقدمون سندويتشات جاهزة من الكفتة، أو اللانشون، أو نحو ذلك، ولا أعرف نوع الحيوان الذي ذبحوه لنا، وليس في إمكاني معرفة ما يدل على مكونات الطعام؛ لأنه سندويتشات جاهزة، وأسأل كذلك عن الحلوى التي يقدمونها في هذه الأماكن، ولا أعلم مكوناتها -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل فيما يقدمه المسلم من طعام، ونحوه الحل، ولا ينبغي أن يُسأل المسلم عن حل ما يقدمه من طعام، ونحوه، بل يبنى على الأصل، وهو الإباحة، وإذا كنا نأكل طعام الكتابي دون أن نسأله عن حله، وهل استوفى الشروط في ذبحه أو لا؟ فطعام المسلم أولى أن يكون حلالًا، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ولكن هل يجب علينا أن نعلم أن الكتابي ذبحه على هذا الوجه؟
الجواب: لا يشترط، وهل يجب أن نعلم أنه سمى عليه؟
الجواب: لا، والدليل على هذا ما رواه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها: أن قومًا سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ قال: سموا أنتم وكلوا ـ قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر.
ومن هو حديث عهد بالكفر يشك في كونه سمى؛ لأنه لم يعرف أحكام الإسلام، ومع ذلك قال: سموا أنتم وكلوا ـ أي: سموا على الأكل لا على الذبح؛ لأنه لا تمكن التسمية، ولأن الإنسان لا يُسأل إلا عن فعل نفسه، وفعلكم أنتم هو الأكل فسموا عليه، أما فعل غيركم فليس عليكم منه شيء.
وقد ترجم مجد الدين ابن تيمية ـ رحمه الله ـ على هذا الحديث: بأن الفعل إذا صدر من أهله، فالأصل فيه الصحة والسلامة.
ولو أننا كلفنا أن نبحث عن كيفية الذبح وهل سمى الذابح أم لا؟ للحقنا بذلك حرج شديد لا يحتمل، حتى المسلم يمكن أنه لم يسم، أو أنه خنق، فكل شيء محتمل، لكن الأصل في الفعل الواقع من أهله السلامة، وبهذا يستريح الإنسان، ويسلم من القلق الذي يحصل فيما لو ذبح الكتابي اليهودي والنصراني الذبيحة وأهدى له، والحمد لله على التيسير؛ لقوله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ {المائدة: 5}. انتهى.
وعليه؛ فيجوز لك أن تأكل من هذا الطعام، وهذه الحلوى، ما لم تتيقن أن شيئًا من ذلك محرم، ولكننا ننبهك إلى أن هذه الأماكن إن كانت تتناول فيها المنكرات، ويتعاطى فيها ما حرمه الله تعالى، فلا يجوز لك المكث فيها إلا لضرورة، وانظر الفتوى رقم: 60165.
والله أعلم.