عنوان الفتوى : مسائل في الرقى والتمائم
صديق لي معلق على رقبته عقداً وفيه قلادة رأيتها، ومكتوب عليها كلمات منها طسم الرحمن عسق الله إلخ وقال لي إنه لا يجوز أن يخلعها حتى عند الدخول إلى الخلاء، أمه هي التي عملت له تلك القلادة وقال إنها تعالج الناس من الجن، هل هذا جائز وما هو الضابط في مثل هذا العلاج هل يجوز العلاج من الجن أصلاً في الشرع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الذي عليه أهل العلم أن الرقية تجوز بكتاب الله تعالى وأسمائه والأدعية الخالية من الشرك، وعليه إذا كان الذي يعلقه صديقك هذا لا يشتمل إلا على هذه الأشياء المذكورة، وكانت العبارات التالية (طسم، عسق) يقصد بها الكلمات التي جاءت في بعض فواتح السور، فهذه الرقية جائزة، لكن العلماء اختلفوا في جواز تعليقها، والراجح عدم الجواز كما هو مفصل في الفتوى رقم: 4137. لكن الشخص إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء يشتمل على ذكر الله تعالى فالمستحب أن ينحيه؛ لما روى أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه وإنما وضعه لأنه كان عليه محمد رسول الله. وهذا الحديث ضعيف لكنه جاء من طرق متعددة في بعض السنن، أما إذا كان الذي يعلقه هذا الشخص يشتمل على أدعية شركية أو أسماء أعجمية، فلا يجوز تعليقه، لما ثبت أن عبد الله بن مسعود دخل على امرأة في عنقها شيء معوذ فجذبه فقطعه، ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك، قالوا: يا أبا عبد الرحمن: هذه الرقى والتمائم قد عرفناها فما التولة؟ قال: شيء يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن. أخرجه ابن حبان في صحيحه والمستدرك والطبراني وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر، فقال: ما هذه؟ فقلت: من الواهنة، فقال: انبذها. قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبي في التلخيص: صحيح. كما أخرجه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما. أما ممارسة الرقية من الجن فتجوز إذا كانت بكتاب الله تعالى أو أسمائه أو الأدعية الخالية من الشرك، ففي الحديث المتفق عليه عند أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة. والسفعة: سواد في الوجه وقيل صفرة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: واختلف في المراد بالنظرة، فقيل عين من الجن، وقيل من الإنس وبه جزم أبوعبيد الهروي، والأولى أنه أعم من ذلك. انتهى كلامه. وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه أحمد وأبو داود. وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها، فقال: عالجيها بكتاب الله. أخرجه ابن حبان في صحيحه وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة. وأخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لآل حزم في الرقية. هذا بالنسبة لمن يقوم بالرقية الصحيحة، أما من يمارس الرقية غير الشرعية فينبغي أن ينصح ويرشد، فإن لم يكف فينبغي أن يؤخذ على يديه، ويبعد شره عن المسلمين. والله أعلم.