أرشيف المقالات

حال المرأة مع الأجانب والمحارم

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
حال المرأة مع الأجانب والمحارم

هل يجوز للمرأة أن تظهر صوتها ورأسها وشعرها ووجهها وعنقها وصدرها، ويديها ورجليها وغيرها أمام الرجال الأجانب وغيرهم كأولاد أعمامها وأولاد أخوالها وعماتها، وخالاتها وأقارب زوجها والخدم والجيران وفي الطرقات والأسواق والحفلات والمجتمعات العامة وغيرها، وأن تترك محارمها من الرجال كأبيها وأخيها وعمها وخالها ينظرون إلى جميع بدنها ويلمسونها ويمسونها بحائل أو بغير حائل، وأن تخلو مع الطبيب لأجل المعالجة والمداواة سواء كان ذلك في بيتها أو في محل عيادته من غير أن يكون معها أحد من ذوي محارمها كأبيها أو أخيها أو عمها أو خالها أم لا؟.
 
هذا السؤال يتضمن بالإجمال ثلاثة أسئلة:
(1) ظهور المرأة أمام الأجانب.
(2) حالها مع ذوي المحارم
(3) خلوتها بأجنبي كالطبيب.
 
وإني أجيب عليها بهذا الترتيب:
ظهور المرأة أمام الأجانب:
أما ظهور المرأة أمام الأجانب على الصورة التي وردت في السؤال فهذا لا يجوز قطعاً، ويدل على وجوب سترها أمامهم؛ قوله تعالى ﴿ أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وكان الله غفورا رحيما ﴾.
 
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المسلمات – خاصة أزواجه وبناته لشرفهن – بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن نساء الجاهلية وسمات الإماء، والجلباب هو الرداء فوق الخمار، قاله ابن مسعود، وعبيدة، وقتادة، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعطاء الخراساني، وغير واحد وهو بمنزلة الإزار اليوم، قال الجوهري: الجلباب الملحفة، قالت امرأة من هذيل ترثى فقيداً لها:
تمشي النسور إليه وهي لاهية      مشي العذارى عليهن الجلابيب
 
وروى ابن أبي حاتم بسنده إلى أم سلمة رضي الله عنها قالت «لما نزلت هذه الآية: يدنين عليهن من جلابيبهن.
خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها»
أقول: هذا الكساء بمنزلة الملاءة السوداء اليوم، وقال تعالى ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ أي ليلقين خمرهن (جمع خمار) على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن.
 
وقال السيد الإمام عليه الرحمة والرضوان:
علل الله تعالى هذا الأمر بالستر بأن تعرف به المرأة المؤمنة حرة، فيمتنع المنافقون والفساق من إيذائها، فالعلة الخوف عليها من أشرار الرجال لا الخوف منها، فهي كعلة آية الحجاب ومن جنسها؛ وما زال الرجال يسيئون الظن بالمرأة التي تظهر محاسنها وزينتها، وما زالوا يؤذونها وما زالوا يطمعون فيها، وما زال أهل الدين والفقه يتجنبونها، وناهيك بما يلقاه النساء المتبرجات في زماننا من إيذاء سفهاء الرجال.
 
حالها من ذوي المحارم ونومها مع محارمها في فراش واحد:
يكره أن يتجرد ذكران أو أنثيان في إزار أو لحاف ولا ثوب يحجز بينهما، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مباشرة الرجل الرجل في ثوب واحد؛ والمرأة المرأة:
وقال في الرعاية؛ فإن كان أحدهما ذكرًا غير زوج وسيد ومحرم احتمل التحريم؛ وإن خيف ثوران الشهوة فالتحريم واضح لمعنى الخلوة ومظنة الشهوة، وحصول الفتنة وأقول: إن نوم المرأة مع بعض ذوي المحارم في فراش واحد، ومن دون حاجز، إنما يكون في وقت الضرورة، كقلة الفراش؛ وضيق المكان، وشدة العوز.
أما في حالة السعة فلكل مكانه وثوبه وفراشه، وإلا فالنوم في فراش واحد من غير ضرورة هو ضرب من ضروب الخلوة، وثوران الشهوة، وعدم أمن الفتنة، ومن بلغ من الصبيان عشراً منع من النوم مع أخته وغيرها من ذوي محارمه ففي مسند أحمد وغيره مرفوعا: «مرُوا أبناءكم وفي لفظ أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع».
 
حكم نظر الرجل إلى ذوات محارمه:
يجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك؛ وليس له النظر إلى ما يستتر غالبا كالصدر والظهر ونحوهما.
 
وذكر القاضي أن حكم الرجل مع ذوات محارمه حكم الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة، وقال أبو بكر: كراهية أحمد النظر إلى ساق أمه وصدرها على التوقي؛ لأن ذلك يدعو إلى الشهوة يعني أنه يكره ولا يحرم.
 

المجلة

السنة

العدد

التاريخ

الهدي النبوي

الجزء الثالث من السنة الثالثة

السابع والعشرين

جمادى الأخرة سنة 1358 هـ

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣