أدب الاستئذان على المعلم
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
أدب الاستئذان على المعلمقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 62].
فالاستئذان أدب إسلامي رفيع، وخُلق رباني جليل، أدب الله به أصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد تأدب أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الأدب، وتمسكوا به غاية التمسك، وقد أشار المصنف - رحمه الله - إلى تطبيقهم لهذا الأدب فقال: "وعن المغيرة بن شعبة قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير؛ رواه البيهقي عن الحاكم"[1].
لذلك فإنه ينبغي على المتعلم أن يطبق هذا الأدب عند دخوله الفصل وعند الخروج منه، فيستأذن مرةً أو مرتين أو ثلاثًا، قال المصنف - رحمه الله -: "يسن أن يستأذن في الدخول على غيره ثلاثًا فقط"[2].
وقد ذكر الإمام ابن مفلح المقدسي - رحمه الله - صفة الاستئذان فقال: "وصفة الاستئذان: سلام عليكم، زاد في الرعاية الكبرى والشيخ عبدالقادر: أألج؟ وهو الذي ذكره ابن الجوزي عن المفسرين؛ لأن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: ((اخرُجْ إلى هذا فعلمه الاستئذان))، فقال له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟ فسمعه فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذِن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل، إسناده جيد؛ رواه أحمد وأبو داود وغيرهما"[3].
وأشار ابن مفلح - رحمه الله - إلى طريقة دق الباب عند الاستئذان فقال: "ولا يدق الباب بعنف؛ لنسبة فاعله عُرفًا إلى قلة الأدب"[4].
وأيضًا فقد أشار إلى أدب عظيم مع المعلم عند الاستئذان عليه، فقال: "وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما استأذنت قط على محدث؛ كنت أنتظر حتى يخرج إلي، وتأولت قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [الحجرات: 5]"[5]، وهذا الجزء من الأدب عند الاستئذان، هو من باب الكمالات والدقائق التي لا يحسنها إلا القليلُ من المتعلمين.
[1] المقدسي، محمد بن مفلح.
الآداب الشرعية.
(مرجع سابق).
ج1.
ص296.
[2] (المرجع السابق): ج2.
ص7.
[3] المقدسي، محمد بن مفلح.
الآداب الشرعية.
(المرجع السابق).
ج2.
ص14.
[4] (المرجع السابق): ج2.
ص16.
[5] المقدسي، محمد بن مفلح.
الآداب الشرعية.
(مرجع سابق).
ج2.
ص88.