حج بلا ترحال - سهام علي
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
قبل وصف هذا النوع من الحج الذى لا يقتضى الترحال والسفر؛ علينا أن نهنئ من أكرمهم الله بهذه المكرمة وهى فرصة إمتاع العين و القلب بتلك الأماكن الطاهرة راجين من المولى أن يتقبلهم قبولا حسنا، وأن يكتب لهم الأجر والثواب آملين أن يكونوا قد ذكروا بالدعاء كل نفس تواقة إلى الفوز بما فازوا به وإن كان القبول من الله هو الفوز الحقيقي.و هذه هى نقطة الانطلاق التي يتعين على المسلم أن يبدأ بها عبادته وصلته بالله، والتى تتيح له أجر الحج الأعظم الذى لا يضطره بالضرورة إلى الترحال.
و بتتبع شروط العمل المقبول عند الله فى القرآن والسنة نجده مبنيا على أمرين:
إخلاص النية لله سبحانه وتعالى كما فى قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمالُ بالنياتِ»(صحيح البخاري ؛ رقم1).
و الثانى هو اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الشريف: «من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو رد» الراوي: عائشة أم المؤمنين ( صحيح البخاري ؛ رقم: 2697).
فكلا الأمرين مطلوب من المسلم، كذلك عليه تأمل الآيتين الكريميتين وهما :
الأولى قوله تعالى: {قل إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام الآية162]
و الثانية قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة من الآية 286]
فحين يكون المسلم مذعنا لله بكل كيانه مؤتمرا بكل ما أمر به، مجتنبا كل ما نهى عنه، شاكرا لأنعمه، مستغفرا لذنبه، يرجو عفوه ويخشى عقابه- فهو ليس مكلفا أن يبحث عما ليس فى وسعه لإرضاء الله،
فكم من المسافات تقطع، ومن الجهود تبذل، ومن المشقات تتكبد، ومن الأموال تنفق وقد لا تقبل والعياذ بالله؛ فى حين يقبل مؤمن صادق الإيمان مخلصاً لله تعالى لم تمكنه إمكاناته المادية أو الصحية أو كلاهما معاً من أداء تلك الفريضة.
فمن لم يستطع الحج فالفرصة سانحة ليحظى بأجر الحاج وأفضل، وأما من عاد من الأراضي المقدسة بحج مبرور؛ فعليه أن يحافظ على هذا الفوز العظيم فلا يستدرجه الشيطان للتقهقرللخلف، وتزل قدم بعد ثبوتها، وأما من عاد من الحج وقد جرح حجه بعض المخالفات؛ فعليه التوبة والاستغفار عسى الله أن يجبر تقصيره، فباب الرحمة مفتوح على مصراعيه لأن رحمة الله وسعت كل شئ.