عنوان الفتوى : ما خاب من استخار ولا ندم من استشار
تقدم لخطبتي شاب صالح ذو خلق ودين ولكنني أخشى من والدته لأنها معروفة بالعصبية والقساوة، وأحس بأنني سأتعذب حينما أتزوج هذا الشاب الصالح حتى ولو سكنت بعيداً عن أهله، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فاعلمي أن الزواج بيئة صالحة تؤدي إلى بناء وترابط الأسرة وإعفاف النفس وصيانتها عن الحرام، وهو سكن وطمأنينة لما يحصل به من الألفة والمودة والانبساط بين الزوجين، وقد رغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه عن عبد الله بن مسعود. فإذا كنت ترين في أخلاق هذا الشاب الصالح ودينه ما يمكن أن يؤلف بينك وبينه تلك البيئة الصالحة، والطمأنينة والانبساط، مع أنك تقدرين على الابتعاد كل الابتعاد عما يمكن أن يثير تلك القسوة والعصبية اللتين وصفت بهما أمه، فلتستجيبي لخطبة هذا الشاب، وعسى الله أن يجعل بينكما من المودة والرحمة والذرية الصالحة ما يجعلكما تسعدان به في الدنيا والآخرة. وإن كنت ترين أن قسوة هذه الأم وعصبيتها تفوقان طاقتك وسعة تحملك مما تتحول معه المودة والرحمة والسعادة إلى بغض وشحناء وشقاء وجحيم، فمن الآن فابتعدي، وليس يلزمك أن تسكني معها، قال الدرير: وللشريفة -أي ذات القدر: ضد الوضيعة- الامتناع من السكنى مع أقاربه ولو الأبوين في دار واحدة، لما فيه من الضرر عليها، باطلاعهم على حالها والتكلم فيها. أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك ج2ص737 وعليك بالاستخارة، فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار. فعن جابر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به، قال ويسمي حاجته. رواه البخاري. والله أعلم.