عنوان الفتوى : الشرع الحكيم حث الفتيات على اختيار صاحب الدِّين والخلق
خطيبي أصبح يعمل في محل إكسسوارات للبنات، ووجدته يتعامل معهن بطريقة مختلفة جدًّا، فهو يضحك معهنّ، ويتواصلن معهنّ عبر الفيسبوك، وهذا أثار جنوني كثيرًا، حيث إنه يقول: إن طبيعة عمله هكذا، ولكي يجلب الزبائن، فعليه أن يتعامل بهذه الطريقة، وأنا لم أعد أتحمل معاملاته هذه مع النساء، وأحسها خيانة لي، فما رأي الإسلام في هذا؟ وهل يجوز له أن يتعامل هكذا مع كافة الفتيات بنية العمل، فأنا لم أعد أحتمل هذه التصرفات؟ أرجو الرد في أقرب وقت، وشكرًا مسبقًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الغالب انطواء العمل في مثل هذه الأماكن على كثير من المخاطر، وأن ذلك باب من أبواب الفتنة، وقد جاءت السنة بالتحذير من فتنة النساء، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
فإن صح ما ذكرت عن خاطبك من التهاون في التعامل مع الفتيات، كان ذلك واقعًا عمليًّا، يبين ما ذكرنا.
والواجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل.
واعلمي أن الشرع الحكيم حث الفتيات على اختيار صاحب الدِّين والخلق عند إرادة الزواج، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه، ودِينه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
والحياة الزوجية مشوار طويل، تعتريها كثير من العوائق، التي يمكن أن تتجاوز بالدِّين، وحسن الخلق، فصاحبهما أرجى لأن يتروى، ويؤدي إلى زوجته حقها، وأن لا يظلمها، أورد الغزالي في إحياء علوم الدين، أن رجلًا قال للحسن - رحمه الله-: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها.
فإن تاب هذا الشاب، واستقام على طاعة الله عز وجل، فبها ونعمت، وإلا فقد يكون الأولى فسخ الخطبة، فذلك أهون من أن يتم الزواج، وتحدث بعده المشاكل ويكون الطلاق، فهذا أسوأ أثرًا.
هذا مع العلم أن الخطبة مجرد مواعدة بين الطرفين، فيجوز فسخها، وخاصة إن دعت إليه حاجة، ويكره الفسخ لغير حاجة. ولمزيد الفائدة، انظري الفتوى: 18857.
والله أعلم.