عنوان الفتوى : قصة إسلام سواد بن قارب
ما حال سواد بن قارب؟ وهل تثبت صحبته؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسَواد بْن قَارب الْأَزْدِيّ، صحابي كان كاهنا في الجاهلية، وكان شاعرا.. كما جاء في كتب الأخبار والتراجم، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة: قال البخاريّ وأبو حاتم والبرديجي، والدّارقطنيّ: له صحبة، وجاء في معرفة الصحابة لابن منده: كَانَ أَحَدَ كُهَّانِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَسْلَمَ.
وسبب إسلامه أن تابعه من الجن أخبره ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاه إلى اتباعه في قصة طويلة قصها على عمر ـ رضي الله عنه ـ في خلافته، وملخصلها كما جاء في السير والإصابة وغيرهما: أنه دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فَقَالَ: يَا سَوَاد بْنَ قَارِبٍ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، هَلْ تُحْسِنُ مِنْ كِهَانَتِكَ الْيَوْمَ شَيْئًا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللهِ مَا اسْتَقْبَلْتَ أَحَدًا مِنْ جُلَسَائِكَ بِمِثْلِ الَّذِي اسْتَقْبَلْتَنِي بِهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ يَا سَوَاد، مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ شِرْكِنَا أَعْظَمَ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كِهَانَتِكَ، وَاللهِ يَا سَوَادُ، لَقَدْ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ إِنَّهُ لَعَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ قَالَ: إيْ وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ لَعَجَبٌ مِنَ الْعَجَبِ، قَالَ: فَحَدِّثْنِيهِ قَالَ: كُنْتُ كَاهِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ، إِذْ أَتَانِي نَجِيٌّ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا سَوَاد بْنَ قَارِبٍ، اسْمَعْ أَقُلْ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: هَاتِ، قَالَ: قُمْ يَا سَوَادَ بْنَ قَارِبٍ، أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ، قَالَ: فَاسْتَوَيْتُ قَاعِدًا، وَأَدْبَرَ وَهو يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَرْجَاسِهَا، وَرَحْلِهَا الْعِيسَ بِأَحْلاسِهَا، تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى، مَا صَالَحُوهَا مِثْلَ أَرْجَاسِهَا، ثُمَّ عُدْتُ فَنِمْتُ، فَأَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادَ بْنَ قَارِبٍ، أَتَاكَ رَسُولٌ من لؤي بن غالب، فَاسْتَوَيْتُ قَاعِدًا وَأَدْبَرَ، وَهو يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا، وَرِحَلِهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا، تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى، مَا مُؤْمِنُوهَا مِثْلَ كُفَّارِهَا، ثُمَّ عُدْتُ فَنِمْتُ، فَأَتَانِي، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادَ بْنَ قَارِبٍ، أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ، فَاسْتَوَيْتُ قَاعِدًا وَأَدْبَرَ، وَهو يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلابِهَا وَرَحْلِهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى، مَا صَادِقُوهَا مِثْلَ كَذَّابِهَا، فَارْحلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ، وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَأْسِهَا، فَأَصْبَحْتُ فَاقْتَعَدْتُ بَعِيرًا لِي حَتَّى أَتَيْتُ مَكَّةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ، قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ وَبَايَعْتُهُ.
وفي رواية: فَوَثَبَ عُمَرُ فَالْتَزَمْتُهُ، وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ.
وفي بعض روايات القصة أنه قال: فَفَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَرَحًا شَدِيدًا بِمَا قُلْتُ وَأَسْلَمْتُ وَعَلَّمُونِيَ الْإِسْلَامَ.
وفي رواية: فَضَحِكَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لي: أفلحت يا سواد ـ وعلق الذهبي على هذا الحديث فقال: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِالْمَرَّةِ... وَلَكِنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ.
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: وأصل هذه القصّة في صحيح البخاريّ من طريق سالم عن أبيه.
وقد قال سواد في قصة إسلامه من قصيدة يمدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويخاطبه بقوله:
وَأَعْلَمُ أَنَّ اللهَ لَا رَبَّ غَيْرَهُ وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ
وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً إِلَى اللهِ يَا ابْنَ الأَكْرَمِينَ الأَطَايِبِ
فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مُرْسَلٍ وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ
وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لاَ ذُو شَفَاعَةٍ سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ.
توفي سواد ـ رضي الله عنه ـ بالبصرة عام: 15هـ، كما جاء في معجم أعلام شعراء المدح النبوي لمحمد درنيقة، والأعلام للزركلي.
والله أعلم.