عنوان الفتوى : حكم ترك الترضي عن الصحابة
إخوتي في مركز الفتوى إسلام ويب، أتابعكم والحمد لله منذ عدة سنوات؛ لما عهدته منكم من صدق في فتاويكم في زمن قال عنه الرسول الأكرم: إن الإسلام سيعود غريبا كما بدأ. على منهج أهل السنة والجماعة -نحسبكم والله حسيبكم- فجزاكم الله ألف خير، وأعانكم على تبليغ دعوته. وسؤالي هو: هل ارتد من لا يترضى عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل يعتبر كافرا؟ وفي حالة أنه مرتد فهنا يجوز قتله؛ لما ورد في صحيح البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من بدل دينه فاقتلوه؟ قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. أفيدوني فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حسن ظنك بإخوانك، ونسأله تعالى أن يلهمنا وإياك رشدنا، ويعصمنا وإياك من مزالق الهوى ومضلات الفتن، وأن يوفقنا إياك لما يحب ويرضى.
وبخصوص سؤالك: فإن مجرد ترك الترضي عن الصحابة -رضي الله عنهم- ليس بكفر، وإن كان ترك ذلك باستمرار نقيصة كبيرة، وعلامة غل وحقد، لا تنطوي عليهما قلوب المؤمنين لعامة المؤمنين، فكيف لمن اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وليكونوا حملة شرعه ومبلغين له، لا خير واصل لهذه الأمة إلا عن طريقهم، فلا يبخل بالترضي عليهم إلا بخيل، وقد أغناهم الله عن ترضي البخلاء برضوانه عنهم في كتاب يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، رغم أنف كل غال حقود.
ثم اعلم أن المسلم المعين إذا قال أو فعل ما ثبت شرعا أنه من الكفر، لا يحكم عليه بعينه أنه كافر مرتد، إذ الحكم على المعين بالكفر موقوف على اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، ومرد الحكم على الأعيان إلى القضاء الشرعي -وما يقوم مقامه من العلماء المجتهدين الربانيين-، الذين من شأنهم التحقق من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، ومن ثبت إسلامه بيقين، فلا يخرج منه إلا بيقين. وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 721 // 102922 // 313477.
وكذلك إقامة حد الردة -إن ثبتت- فهي من اختصاص ولي الأمر الشرعي، وليس هذا الأمر العظيم موكولا لآحاد الناس مهما كانت الظروف والأحوال.
والله أعلم.