عنوان الفتوى : سبب إطلاق كلمة (عليها السلام) على مريم وعدم إطلاقها على الصحابة
نعلم جميعا أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- خير الخلق بعد الأنبياء -عليهم السلام- فلماذا لا يقال: عليهما السلام. فقد صرح أهل العلم بجواز السلام على مريم -عليها السلام- وهي أدنى منهم منزلة عند الله -عز وجل-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 37150. كراهة إطلاق جملة "عليه السلام" على غير الأنبياء، ومريم بنت عمران -عليها السلام- وإن كانت على القول الصحيح أنها ليست نبيَّة، وإنما صديقةٌ، كما فصَّلناه في الفتوى: 278071. فقد درج أهل العلم سلفا وخلفا على إطلاق جملة "عليها السلام" عليها من غير نكير، ودل القرآن على مزيد خصوصية لها بسلامتها وابنها عيسى عليه الصلاة والسلام من الشيطان الرجيم، بخلاف سائر بني آدم، كما في قول الله تعالى عن امرأةِ عمران أُمِّ مريم أنها قالت: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ {آل عمرن:36} وقد استجاب الله لها وسلمها من الشيطان. ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الحِجَابِ.
كما درج العلماء أيضا على عدم إطلاق تلك الجملة على الصحابة، وإطلاق جملة: "رضي الله عنه" بدلا منها، ولا يلزم من هذا أن مريم أفضل من أبي بكر الصديق فمريم صديقةٌ وأبو بكر صديقٌ، وهو وعمر رضي الله عنهما أفضل الناس بعد الأنبياء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَالَّذِي عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ كَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ وَجَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَلَيْسَ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْهُمَا. اهــ.
والله تعالى أعلم.