عنوان الفتوى : حدود الله أولى أن تراعى
أنا امرأة توفي عني زوجي منذ قرابة ثلاثة أشهر مما أصابني بحزن شديد عليه ومن جراء ذلك طلبت حماتي أخذي وأولادي إلى بلدي هناك للعيش معها وذلك في أقرب وقت ممكن مع العلم بأن لديها أربعة أبناء يزورونها بين حين وآخر فاستأذنتها في استئجار منزل خاص بي للعيش أنا وأولادي، فكان اقتراحها أن أعيش معها فترة مؤقتة لعدم قدرتها الحالية على تنفيذ رغبتي، فهل يحق لي أن أسافر قبل انقضاء فترة العدة وهل إن بقيت هنا يكون فيه حرمان لها من أحفادها وذلك بعد فقدانها ولدها وأحساسها بأنها الوحيدة المتضررة من جراء هذا الأمر وعدم قدرتها على البقاء معي في نفس البلد علما بأنها كانت تأتي لزياة أولادها كل عام للاطمئنان عليهم؟ لذا أطلب من حضرتكم الإجابه على استفساراتي راجية من الله ومنكم أن تصلكم رسالتي ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن عدة المتوفى عنها زوجها غير الحامل أربعة أشهر وعشرة أيام، لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234]. وعدة الحامل وضع الحمل، لقول الله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]. وعلى كلا التقديرين إن كان بقي شيء من عدتك فلا يجوز لك الخروج من المنزل الذي كنت تقيمين به حتى تنقضي العدة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1]. ثم إن حرمان السيدة حماتك من أحفادها ليس يلزم في مثل هذه الظروف، إذ يمكن أن تعطيها بعضهم ريثما تنقضي العدة، وإن كنت لا تقبلين ذلك، فلا مناص -إذن- من حرمانها، فحدود الله أولى أن تراعى، روى علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه. ثم إذا انقضت العدة وسكنتِ مع حماتك تلك فلتحذري من الخلوة بأي من أبنائها الذين ذكرت، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. متفق عليه. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه. والله أعلم.